وَفِي الْحَدِيثِ « اذْكُرُوا اللهَ عَلَى الطَّعَامِ وَلَا تَلْفِظُوا فَإِنَّهُ نِعْمَةٌ » (١).
قيل إنه مضارع محذوف منه إحدى التاءين ، والمعنى لا تتكلموا وتصوتوا بغير ذكر الله ، فإنه نعمة من نعم الله ومقتضاها الشكر وعدم الغفلة عن ذكر المنعم. ولَفَظْتُ الشيء من فمي أَلْفِظُهُ لَفْظاً من باب ضرب : رميت به. ومثله « لَفَظَهُ البحر » و « لَفَظَ ريقه » وذلك الشيء لُفَاظَةٌ ولَفَظَتِ الميتَ الأرضُ : أي قذفته من بطنها. واللَّفْظُ واحد الأَلْفَاظ ، وهو في الأصل مصدر
( لمظ )
فِي الْحَدِيثِ « الْإِيمَانُ يَبْدُو لُمْظَةً فِي الْقَلْبِ كُلَّمَا ازْدَادَ الْإِيمَانُ ازْدَادَتْ اللُّمْظَةُ » (٢).
قال بعض الشارحين : اللُّمْظَةُ مثل النكتة ونحوها من البياض ، ومنه قيل فرس أَلْمَظ : إذا كان بجحفلته شيء من البياض. وقَوْلِهِ : « الْإِيمَانُ يَبْدُو لُمْظَةً ».
تقديره علامة الإيمان تبدو كنكتة بياض في قلب من آمن أول مرة ، ثم إذا أقر باللسان ازدادت تلك النكتة ، وإذا عمل بالجوارح عملا صالحا ازدادت تلك وهكذا ، فلا بد من إضمار المضاف على ما قدرناه ، لأن الإيمان هو التصديق بالله وبرسوله في جميع الأوامر والنواهي ، وذلك لا يتصور فيه الازدياد. ولَمَظَ يَلْمُظُ بالضم لَمْظاً : إذا تتبع بلسانه بقية الطعام في فمه أو أخرج لسانه فمسح به شفتيه ، وكذلك التلمظ.
__________________
(١) مكارم الأخلاق ص ١١.
(٢) نهج البلاغة ج ٣ ص ٢١٣.