فمنه ما يخرج المكلف عن الفسق وهو الموجب لقبول الشهادة ويسمى وَرَعَ التائبين ومنه ما يخرج به عن الشبهات فإن من رتع حول الحمى يوشك أن يدخل فيه ويسمى وَرَعَ الصالحين ، ومنه ترك الحلال الذي يتخوف انجراره إلى المحرم ويسمى وَرَعَ المتقين ، وعليه حمل
قَوْلُهُ صلى الله عليه وآله « لَا يَكُونُ الرَّجُلُ مِنَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لَا بَأْسَ بِهِ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ بَأْسٌ ».
ومثل « يترك الكلام عن الغير مخافةَ الوقوع في الغِيبة » ، ومنه الإعراض عن غير الله خوفا من ضياع ساعة من العمر فيما لا فائدة فيه ويسمى وَرَعَ الصديقين. والمُوَارَعَةُ : المُناطَقة والمُكَالَمة. ولعل منه
الْحَدِيثَ عَلَى بَعْضِ النُّسَخِ « وَمَأْوَاهُ ـ يَعْنِي الْعِلْمَ ـ الْمُوَارَعَةُ ».
( وزع )
قوله تعالى : ( يُوزَعُونَ ) [ ٤١ / ١٩ ] أي يحبسون.
وَفِي التَّفْسِيرِ « يُحْبَسُ أَوَّلُهُمْ عَلَى آخِرِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا النَّارَ ».
قوله : ( أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ) [ ٢٧ / ١٩ ] أي ألهمني شكرها. و « اسْتَوْزَعْتُ اللهَ شُكْرَه فَأَوْزَعَنِي » أي استلهمته فأَلْهَمَنِي. والإِيزَاعُ لشُكرِك : أي الإلهام له.
وَفِي الْحَدِيثِ « السُّلْطَانُ وَزَعَةُ اللهِ فِي أَرْضِهِ » (١).
الوَزَعَةُ جمع وَازِع وهو الكافّ الدافِع. ووَزَعْتُهُ وَزَعاً : كففته فَاتَّزَعَ أي كَفَّ. ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام « أَوَمَا وَزَعَ الْجُهَّالُ سَابِقَتِي عَنْ تُهَمَتِي » (٢).
أي دفع وكف. ووَزَعَهُمْ عن الباطل : أي كفهم ويحتمل الراء المهملة. وأَوْزَعْتُهُ بالشيء : أي أغريته به ، فهو مُوزَعٌ به أي مغرى به. والوَازِع : الذي يتقدم الصف فيصلحه ويقدم ويؤخر. والتَّوْزِيعُ : القسمة والتفريق.
__________________
(١) نهج البلاغة ج ٣ ص ٢٣٢.
(٢) نهج البلاغة ج ١ ص ١٢١.