سميت بذلك لأن الرسول لما قال : هَلْ بَلَّغْتُ؟ وقالوا : نَعَم ، طَفِقَ يقول « اللهم اشْهَدْ » ثم وَدَّعَ الناسَ فقالوا هذه حجة الوَدَاع.
وَفِي حَدِيثِ السَّفَرِ « أَسْتَوْدِعُ اللهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ ».
من الوَدَاع. قال بعض الشارحين : وذلك لأن السفر يصيب الإنسان فيه المشقة والخوف فيكون ذلك سببا لنقص أمور الدين. والتَّوْدِيع عند الرحيل ، والوَدِيعَة واحد الوَدَائِع فعيلة بمعنى مفعولة ، وهي استنابة في الحفظ ، يقال أَوْدَعْتُهُ مالا : أي دفعته إليه يكون وَدِيعَةً عنده. واسْتَوْدَعْتُهُ وَدِيعَةً : استحفظته إياها. ومنه « وَاسْتَوْدَعَهَا أُمَّ سَلَمَةَ » أي طلب منها حفظها. والدَّعَة بالفتح : الخفض ، والهاء عوض من الواو ، تقول منه وَدُعَ الرجل بالضم فهو وَدِيعٌ أي ساكن ، ووَادِعٌ أيضا مثل حَمُضَ فهو حامِض. ورجل مُتَّدِعٌ : أي صاحب دَعَةٍ وراحة
وَمِنْهُ « عَلَيْكُمْ بِالدَّعَةِ وَالْوَقَارِ ».
والدَّعَةُ : السعة والخفض في العيش. وقَوْلُهُ : « وَلَا دَعَةٌ مُزِيحَةٌ ».
أي ولا راحة مبعدة.
وَفِي الْحَدِيثِ « وَمَأْوَاهُ ـ يَعْنِي الْعِلْمَ الْمُوَادَعَةُ ».
لعل المراد المباحثة والمذاكرة والمناظرة ، لأن جميع ذلك حفظ للعلم ، وَضَبَطَهُ بَعْضُ الْمُعَاصِرِينَ « وَمَاؤُهُ الْمُوَادَعَةُ ».
وهو تصحيف.
( ورع )
فِي الْحَدِيثِ « صُونُوا دِينَكُمْ بِالْوَرَعِ ».
وفِيهِ « مِلَاكُ الدِّينِ الْوَرَعُ ».
وفِيهِ أَوْرَعُ النَّاسِ مَنْ تَوَرَّعَ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ تَعَالَى ».
وفِيهِ « لَا مَعْقِلَ أَحْرَزُ مِنَ الْوَرَعِ » (١).
والوَرَعُ في الأصل الكف عن المحارم والتحرج منها ، يقال وَرِعَ الرجلُ يَرِعُ بالكسر فيهما وَرَعاً ورِعَةً فهو وَرِعٌ : إذا كف عما حرم الله انتهاكه ، ثم استعمل في الكف المطلق. قال بعض شراح الحديث : وهو أقسام
__________________
(١) في نهج البلاغة ج ٣ ص ٢٤٢ « ولا معقل أحسن من الورع ».