ويستفاد من هذا اللقاء أنّه لم يقابله في داره المعروفة بسرّ من رأى ولا في دار العمري ولا غيره ، بل في خارج دار غير معروفة ولا معتناً به.
وأمّا سكن الإمام عليهالسلام في فترة الغيبة فغير معلوم أيضاً ؛ لأنّ الاهتداء إلى مكانه ينافي الغيبة ، وقد قال الصادق عليهالسلام : « للقائم غيبتان إحداهما طويلة ، والاُخرى قصيرة ، فالاُولى يعلم بمكانه فيها خاصّة من شيعته ، والاُخرى لا يعلم بمكانه فيها ، إلاّ خاصّة مواليه في دينه » (١).
وأشار الإمام المهدي إلى علّة خفاء سكناه لإبراهيم بن مهزيار في لقاء كان معه : « إنّ أبي عهد إليَّ أن لا اُوطّن من الأرض إلّا أخفاها وأقصاها ، إسراراً لأمري ، وتحصيناً لمحلّي ، لمكائد أهل الضلال والمردة من أحداث الاُمم الضوالّ ، فنبذني إلى عالية الرمال ، وجبت صرائم الأرض » (٢).
فالإمام عليهالسلام وإن كان سكناه على هذه الكرة الأرضيّة ، ولكن لا يعرف أحد مكانه ولا يهتدي إليها إلاّ الذي يلي خدمته ، كما يقال الصادق عليهالسلام أنّه : « لا يطلع على موضعه أحد من ولده ولا غيره إلاّ المولى الذي يلي أمره » (٣).
نعم ، اُشير في بعض الروايات المرويّة عن الباقر والصادق إلى بعض الأمكنة داخل المدينة وخارجها ، كطيبة أو جبل رضوى أو جبل طوى وغير ذلك ، ولكن لم يثبت ذلك فهي كما يلي :
_________________________
(١) بحار الأنوار : ٥٢ / ١٥٥.
(٢) كمال الدين : ٢ / ٤٤٥.
(٣) بحار الأنوار : ٥٢ / ١٥٣.