فيه سبحانه : ( وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ) (١) ، وقد تظاهرت الأخبار عن أئمّة الهدى من آل محمّد عليهمالسلام في أنّ الله تعالى سيعيد عند قيام المهدي قوماً ممّن تقدّم موتهم من أوليائه وشيعتته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ، ويبتهجوا بظهور دولته ، ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم ، وينالوا بعض ما يستحقّونه من العذاب في القتل على أيدي شيعته ، والذلّ والخزي بما يشاهدون من علوّ كلمته ، ولا يشكّ عاقل أنّ هذا مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه ، وقد فعل الله ذلك في الاُمم الخالية ، ونطق القرآن بذلك في عدّة مواضع ، مثل قصّة عزير وغيره على ما فسّرناه في موضعه ، وصحّ عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قوله : « سيكون في اُمّتي كلّ ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ، والقذة بالقذة ، حتّى لو أنّ أحدهم دخل جحر ضبّ لدخلتموه ، على أنّ جماعة من الإماميّة تأوّلوا ما ورد من الأخبار في الرجعة على رجوع الدولة والأمر والنهي دون رجوع الأشخاص وإحياء الأموات ، وأوّلوا الأخبار الواردة في ذلك لمّا ظنّوا أنّ الرجعة تنافي التكليف وليس كذلك ؛ لأنّه ليس فيها ما يلجئ إلى فعل الواجب والامتناع من القبيح والتكليف يصحّ معها كما يصّح مع ظهور المعجزات الباهرة والآيات القاهرة ، كفلق البحر وقلب العصا ثعباناً وما أشبه ذلك ؛ ولأنّ الرجعة لم تثبت بظواهر الأخبار المنقولة فيتطرّق التأويل عليها ، وإنّما المعول في ذلك على إجماع الشيعة الإماميّة ، وإن كانت الأخبار تعضده ويؤيّده » (٢).
وتحدّث العلاّمة المجلسي رحمهالله عن الرجعة وقال : « اعلم يا أخي أني لأظنّك ترتاب
_________________________
(١) الكهف (١٨) : ٤٧.
(٢) مجمع البيان : ٧ / ٣٦٦.