فراشي في هذا البيت ، وابنتي نائمة فأنبهتها ، وسألتها هل علمت بخروجي ورجوعي ؟
فقالت : لا ، وفتحت الصّرة في ذلك الوقت وإذا فيها عشرة دنانير عدداً ، وما أخبرت بهذا أحداً إلاّ في هذا الوقت لما تكلّمت بهذا الكلام على حدّ الهزؤ ، فحدّثتك إشفاقاً عليك ، فإنّ لهؤلاء القوم عند الله عزّ وجلّ شأناً ومنزلة ، وكلّ ما يدّعونه حقّ.
قال : فعجبت من قولها وصرفته إلى السخرية والهزؤ ، ولم أسألها عن الوقت غير أنّي أعلم يقيناً أنّي غبت عنهم في سنة نيف وخمسين ومائتين ، ورجعت إلى سرّ من رأى في وقت أخبرتني العجوزة بهذا الخبر في سنة إحدى وثمانين ومائتين في وزارة عبدالله بن سليمان لمّا قصدته.
قال حنظلة : فدعوت بأبي الفرج المظفّر بن أحمد حتّى سمع معي هذا الخبر » (١).
وأضاف الباقر عليهالسلام إلى شبه آخر من موسى عليهالسلام وقال : « وأمّا شبهه من موسى ، فدوام خوفه ، وطول غيبته ، وخفاء ولادته ، وتعب شيعته من بعده بما لقوا من الأذى والهوان » (٢).
لقد غاب يوسف عليهالسلام مدّة من الزمن لبعض العلل والأسباب ، فقد ألقاه إخوته في البئر ، وكان طفلاً صغيراً ، ولمّا نجا من البئر بقى غائباً عن الأنظار ، حيث كان يعيش بين النّاس ولا يعرفه أحد ، فكان النّاس يرونه ولكن لا يعرفونه شخصيّاً ،
_________________________
(١) كتاب الغيبة : ١٤٥.
(٢) بحار الأنوار : ٥١ / ٢١٨.