لعلّ من أهمّ الحكم في غيبة المهدي عليهالسلام هو اختيار الشيعة وإمتحانهم في غيبة إمامهم ، وما أصعب هذا الاختبار حتّى يتميّز فيه الخلّص من غيرهم ، والجيّد من الردئ.
قال الصادق عليهالسلام : « والله لا يكون الذي تمدّون إليه أعناقكم حتّى تميّزوا وتمحّصوا ، ثمّ يذهب من كلّ عشرة شيء ، ولا يبقى منكم إلاّ الأندر ، ثمّ تلا هذه الآية : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ) (١) » (٢).
وروي عن جابر الجعفي ، قال : « قلت لأبي جعفر عليهالسلام : متى يكون فرجكم ؟
فقال : هيهات لا يكون فرجنا حتّى تغربلوا ، ثمّ تغربلوا ، ثم تغربلوا ، يقولها ثلاثاً حتّى يذهب الله تعالى الكدر ويبقى الصفو » (٣).
وورد أيضاً في عدّة من الروايات تعابير مختلفة عن هذا التمييز والتمحيص والإختبار بقولهم إلاّ بعد إياس ، أو حتّى يشقى من شقي ، أو إنّما هي محنة من الله ، أو حتّى يذهب ثلثا النّاس ، أو كمخيض الكحل في العين ، أو لتكسرنّ كسر الزجاج ، أو لتكسرنّ كسر الفخار.
فعن الطوسي بسنده عن محمّد بن منصور ، عن أبيه ، قال : « كنّا عند أبي عبدالله جماعة نتحدّث ، فالتفت إلينا فقال : في أي شيء أنتم أيهات أيهات ، لا والله لا يكون
_________________________
(١) آل عمران (٣) : ١٤٢.
(٢) معجم أحاديث الإمام المهدي عليهالسلام : ٥ / ٦٤.
(٣) كتاب الغيبة : ٢٠٦.