لمّا جهّزوا الإمام العسكري للصلاة عليه تقدّم جعفر بن عليّ ليصلّي على أخيه ، فلمّا همّ بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة ، بشعره قطط ، بأسنانه تفليج ، فجذب رداء جعفر وقال : « يا عمّ ، أنا أحقّ بالصلاة على أبي ... » (١) ، ووشى جعفر إلى الخليفة العبّاسي بوجود طفل في بيت الإمام العسكري عليهالسلام ، فبعث المعتمد إثر وشايته جلاوزته ليبحثوا عن صقيل جارية الإمام عليهالسلام حتّى تدلّهم على ذلك الطفل ، فأنكرت صقيل ذلك ، وادّعت أنّ بها حمل من الإمام العسكري عليهالسلام حفظاً على الإمام المهدي من تعرّض الأعداء ، لذلك حبسوها في بيت حتّى تضع حملها ويقتلوا وليدها ، وفي هذه الآونة فوجئوا بموت وزير الخليفة العبّاسي ( عبدالله بن يحيى ) ، وبخروج صاحب الزنج بالبصرة ، واضطراب الأوضاع السياسيّة ، وكثرة الفوضى ، فاستفادت صقيل من هذه الظروف وعادت إلى بيتها (٢).
ويشهد علي ذلك من أنّهم كانوا في طلبه ليقتلوه عليهالسلام ما حدّثه لنا رشيق صاحب المادراي قال : « بعث إلينا المعتضد ونحن ثلاثة نفر ، فأمرنا أن يركب كلّ واحد منّا فرساً ونجنب آخر ونخرج مخفين لا يكون معنا قليل ولا كثير إلاّ على السرج مصلى وقال لنا : إلحقوا بسامرة ، ووصف لنا محلّة وداراً وقال : إذا أتيتموها تجدون على الباب خدماً أسود ، فاكبسوا الدار ، ومن رأيتم فيها فأتوني برأسه.
_________________________
(١) حياة الإمام العسكري عليهالسلام : ٣١٧.
(٢) حقّ اليقين : ٣٢٠.