فقالت : يا بنيّ ، اُعيذك بالله أن تستهين ما ذكرت أو تقوله على وجه الهزؤ ، فإنّي اُحدّثك بما رأيته ـ يعني بعد خروجك من عندنا بسنتين ـ كنت في هذا البيت نائمة بالقرب من الدهليز ، ومعي إبنتي ، وأنا بين النائمة واليقظانة ، إذ دخل رجل حسن الوجه ، نظيف الثياب ، طيّب الرائحة ، فقال : يا فلانة ، يجيئك الساعة من يدعوك في الجيران ، فلا تمتنعي من الذهاب معه ، ولا تخافي ، ففزعت.
فناديت إبنتي وقلت لها : هل شعرت بأحد دخل البيت ، فقالت : لا ، فذكرت الله ، وقرأت ونمت ، فجاء الرجل بعينه وقال لي مثل قوله ، ففزعت وصحت يإبنتي ، فقالت : لم يدخل البيت ، فاذكري الله ولا تفزعي ، فقرأت ونمت ، فلمّا كان في الثلاثة جاء الرجل وقال : يا فلانة ، قد جاءك من يدعوك ويقرع الباب ، فاذهبي معه ، وسمعت دقّ الباب ، فقمت وراء الباب وقلت : من هذا ؟
فقال : إفتحي ولا تخافي ، فعرفت كلامه ، وفتحت الباب ، فإذا خادم معه إزار ، فقال : يحتاج إليك بعض الجيران لحاجة مهمّة فادخلي ، ولفّ رأسي بالملاءة وأدخلني الدار ، وأنا أعرفها ، فإذا بشقاق مشدودة وسط الدار ، ورجل قاعد بجنب الشقاق ، فرفع الخادم طرفه فدخلت ، وإذا امرأة قد أخذها الطلق وامرأة قاعدة خلفها كأنّها تقبّلها.
فقالت المرأة : تعيننا فيما نحن فيه ، فعالجتها
بما يعالج به مثلها ، فما كانت إلاّ قليلاً حتّى سقط غلام ، فأخذته على كفّي وصحت غلام غلام ، وأخرجت رأسي من طرف الشقاق اُبشّر الرجل القاعد ، فقيل لي : لا تصيحي ، فلمّا رددت وجهي إلى الغلام قد كنت فقدته من كفّي ، فقالت لي المرأة القاعدة : لا تصيحي ، وأخذ الخادم بيدي ولفّ رأسي بالملاءة وأخرجني من الدار ، وردّني إلى داري ، وناولني صرّة ، وقال : لا تخبري بما رأيت أحداً ، فدخلت الدار ورجعت إلى