العصمة ، فإنّه من تفسير وتوضيح المشكوك بالقطعي ، وهذا ممّا يدلّ عليه الوجدان بالضرورة.
وممّا ذكرنا يظهر وجه الدلالة على عصمة آدم عليهالسلام ، فيجب علينا أن نفسّر الأحداث والقضايا التي مرّت به عليهالسلام بعد الفراغ والتسليم لعصمته ، فلا معنى لورود النقض عليها ، هذا أوّلاً.
وثانياً : عدم تكليف آدم عليهالسلام في الجنّة هو أحد الآراء في المسألة ، وهناك أقوال أُخرى ، وعلى سبيل المثال يرى بعضهم : أنّ النهي المتوجّه لآدم عليهالسلام من قبل الله تعالى كان نهياً إرشادياً لا مولوياً ، ومعناه عدم صدور معصية منه عليهالسلام في صورة ارتكابه للمنهي ، بل مجرد تعرّضه لبعض المتاعب والمصاعب تكويناً ، وهذا ما قد حدث ، فإنّه عليهالسلام قد هبط إلى الأرض ومارس هو وولده الحياة الصعبة على وجهها إلى يوم القيامة ، بعدما كان قد تنعّم في الجنّة بدون تعب ومشقّة.
وأمّا إبليس ، فإنّه كان مكلّفاً بالأوامر والنواهي التكليفية ، كما يظهر من الأمر بالسجود المتوجّه إليه ، ومؤاخذته من قبل الله تعالى على عدم انصياعه لذلك الأمر.
فبالنتيجة : كان إبليس في عالم التكليف ، بخلاف آدم عليهالسلام الذي لم يتوجّه إليه التكليف ـ عموماً أو في خصوص التناول من الشجرة المعينة ـ أو كان الأمر المتوجّه إليه إرشادياً ، أو أنّه عليهالسلام كان قد ترك الأولى والأفضل.
وبالجملة : فصدور المعصية من إبليس أمر مسلّم ، لمخالفته الصريحة في مسألة السجود ، لكن الذي صدر من آدم عليهالسلام لم تكن مخالفة مولوية ، بقرينة عدم مؤاخذته من قبل الله تعالى.
وأمّا بالنسبة لتفسير آية : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ ... ) (١) فملخّص القول فيه :
____________
١ ـ فاطر : ٣٢.