الخضر عن أفعاله ، وبماذا اعتذر هنا؟ لقد اعتذر بأنّه نسى ، ولا يمكن حملها هنا على الترك.
وقول موسى عليهالسلام : ( رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ... ) (١) ، فإنّ الرؤية عند الشيعة من أعظم المحال ، لأنّها تستلزم التحديد وغير ذلك ، فدعاء موسى هذا دائر بين الجهل بالربّ سبحانه ، وبين التجاوز في الدعاء والاعتداء فيه ، بل وإساءة الأدب مع الله تعالى.
وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (٢) ، فلماذا ورد هذا السؤال من الله عزّ وجلّ ، إنّه عتاب للرسول صلىاللهعليهوآله ، أنّه حرّم على نفسه سريته مارية ، أو شرب العسل.
وأيضاً هل يصحّ أن يحرّم أحد الشيعة على نفسه شيئاً ممّا أحلّه الله ويكون محموداً؟ أليس هذا هو مقتضى العصمة واللطف الذي أوجبتموه على الله؟
وقوله : ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ) (٣).
ما المقصود بقوله تعالى ذنبك؟ فالله جلّ جلاله أثبت ذنباً متقدّماً وذنباً متأخّراً ، وأثبت له مغفرة ذلك كُلّه.
ج : أمّا قوله تعالى عن موسى عليهالسلام : ( لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ ... ) ، فيمكن أن تحمل : أنّه أراد لا تأخذني بما تركت من عهدك ، وقد روي هذا الوجه عن ابن عباس وأُبي بن كعب عن رسول الله صلىاللهعليهوآله (٤).
والوجه الآخر الذي يمكن أن تحمل عليه الآية : أنّه أراد لا تؤاخذني بما فعلته ، ممّا يشبه النسيان ، فسمّاه نسياناً للمشابهة ، كما قال المؤذّن لأخوة
____________
١ ـ الأعراف : ١٤٣.
٢ ـ التحريم : ١.
٣ ـ الفتح : ١ ـ ٢.
٤ ـ جامع البيان ١٥ / ٣٥٤ ، تفسير القرآن العظيم ٣ / ١٠٠ ، الدرّ المنثور ٤ / ٢٣٢ ، تاريخ الأُمم والملوك ١ / ٢٦٣.