يوسف عليهالسلام : ( إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ) (١) أي تشبهون السرّاق ، وكما يتأوّل الخبر الذي يرويه أبو هريرة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « كذب إبراهيم عليهالسلام ثلاث كذبات : في قوله : سارة أختي ، وفي قوله : بل فعله كبيرهم هذا ، وقوله : إنّي سقيم » ، والمراد بذلك ـ إن كان هذا الخبر صحيحاً ـ أنّه فعل ما ظاهره الكذب (٢).
وأمّا قول موسى عليهالسلام : ( رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ... ) ، أنّه عليهالسلام لم يسأل الرؤية لنفسه ، وإنّما سألها لقومه.
فقد روي أنّ قومه طلبوا ذلك منه ، فأجابهم : بأنّ الرؤية لا تجوز عليه تعالى ، فلجّوا به وألحّوا عليه في أن يسأل الله تعالى أن يريهم نفسه ، وغلب في ظنّه أن الجواب إذا ورد من جهته جلّت عظمته كان أحسم للشبهة وأنفى لها ، فأختار السبعين الذين حضروا للميقات ، لتكون المسألة بمحضر منهم ، فيعرفوا ما يرد من الجواب ، فسئل عليهالسلام على ما نطق به القرآن ، وأجيب بما يدلّ على أنّ الرؤية لا تجوز عليه تعالى.
ويقوّي هذا الجواب أُمور منها : قوله تعالى : ( يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ) (٣).
ومنها : قوله تعالى : ( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى الله جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ) (٤).
____________
١ ـ يوسف : ٧٠.
٢ ـ مسند أحمد ٢ / ٤٠٣ ، صحيح البخاري ٤ / ١١٢ و ٦ / ١٢١ ، صحيح مسلم ٧ / ٩٨ ، السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ٣٦٦ و ١٠ / ١٩٨.
٣ ـ النساء : ١٥٣.
٤ ـ البقرة : ٥٥.