وغيبة الإمام عليهالسلام من موارد الامتحان ، فلا يؤمن بها إلاّ من خلص إيمانه ، وصفت نفسه ، وصدّق بما جاء عن رسول الله صلىاللهعليهوآله والأئمّة الهداة المهديين من حجبه عن الناس ، وغيبته مدّة غير محدّدة ، أو أنّ ظهوره بيد الله تعالى ، وليس لأحدٍ من الخلق رأي في ذلك ، وإن مثله كمثل الساعة فإنّها آتية لا ريب فيها.
٣ ـ الغيبة من أسرار الله تعالى :
وعُلّلت غيبة الإمام المنتظر عليهالسلام بأنّها من أسرار الله تعالى ، التي لم يطّلع عليها أحد من الخلق ، فقد ورد عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « إنّما مثله كمثل الساعة ، ثقلت في السماوات والأرض ، لا تأتيكم إلاّ بغتة » (١).
٤ ـ عدم بيعته لظالم :
ومن الأسباب التي ذكرت لاختفاء الإمام عليهالسلام أن لا تكون في عنقه بيعة لظالم ، فعن علي بن الحسن بن علي بن فضّال عن أبيه ، عن الإمام الرضا عليهالسلام أنّه قال : « كأنّي بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدي كالنعم يطلبون المرعى فلا يجدونه » ، قلت له : ولم ذلك يا بن رسول الله؟ قال عليهالسلام : « لأنّ إمامهم يغيب عنهم » ، فقلت : ولِمَ؟ « لئلا يكون في عنقه لأحد بيعة إذا قام بالسيف » (٢).
وأعلن الإمام المهدي عليهالسلام ذلك بقوله : « إنّه لم يكن لأحد من آبائي عليهمالسلام إلاّ وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه ، وإنّي أخرج حين أخرج ، ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي » (٣).
هذه بعض الأسباب التي علّلت بها غيبة الإمام المنتظر عليهالسلام ، وأكبر الظنّ أنّ الله تعالى قد أخفى ظهور وليّه المصلح العظيم لأسباب أُخرى أيضاً لا نعلمها إلاّ بعد ظهوره عليهالسلام.
____________
١ ـ كفاية الأثر : ١٦٨ و ٢٥٠ ، ينابيع المودّة ٣ / ٣١٠.
٢ ـ علل الشرائع ١ / ٢٤٥ ، عيون أخبار الرضا ٢ / ٢٤٧.
٣ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٤٨٥ ، الغيبة للشيخ الطوسي : ٢٩٢.