٢ ـ ممّن أُدّعي أنّ الملائكة تحدّثهم ، عمران بن الحصين الخزاعي ـ المتوفّى سنة ٥٢ هـ ـ قالوا : « كانت الملائكة تسلم عليه حتّى اكتوى بالنار فلم يسمعهم عامّاً ، ثمّ أكرمه الله بردّ ذلك » (١).
٣ ـ ومنهم أبو المعالي الصالح ـ المتوفّى سنة ٤٢٧ هـ ـ رووا أنّه كلّمته الملائكة في صورة طائر (٢).
٤ ـ أبو يحيى الناقد ـ المتوفّى سنة ٢٨٥ هـ ـ رووا أنّه كلّمته الحوراء (٣).
وأمثال هذه المرويّات في كتب أهل السنّة غير قليل ، ولم يستنكر ذلك أحد ، ولم يتّهم أصحابها بالغلوّ.
ومن الجدير بالذكر : أنّ الوحي له أساليب وأغراض متعدّدة ، ولا تلازم بين الوحي والنبوّة ، وإن كان كُلّ نبيّ لابدّ أن يُوحى إليه ، وكذلك لا تلازم بين الوحي والقرآن ، فبالنسبة للرسول صلىاللهعليهوآله لم يكن كُلّ ما نزل عليه من الوحي قرآناً ، فهناك الأحاديث القدسية ، وهناك تفسير القرآن وتأويله ، والإخبار بالموضوعات الخارجية ، وأمثال ذلك ، وكُلّها ليست قرآناً.
فاتّضح أنّ تحديث الملائكة للزهراء عليهاالسلام لم يكن من الوحي النبوي ، ولا من الوحي القرآني ، وممّا يدلّ على عدم الملازمة بين تحديث الملائكة والنبوّة : ما رواه صاحب بصائر الدرجات ، عن حمران بن أعين قال : قال لي أبو جعفر عليهالسلام : « إنّ علياً كان محدّثاً » ، فخرجت إلى أصحابي فقلت لهم : جئتكم بعجيبة! قالوا : ما هي؟ قلت : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : « كان علياً محدّثاً » ، قالوا : ما صنعت شيئاً إلاّ سألته : من يحدّثه؟ فرجعت إليه فقلت له : إنّي حدّثت أصحابي بما حدّثتني قالوا : ما صنعت شيئاً إلاّ سألته من يحدّثه؟
____________
١ ـ أُنظر : الطبقات الكبرى ٤ / ٢٨٨ و ٧ / ١١ ، المعجم الكبير ١٨ / ١٠٧ ، شرح نهج البلاغة ١ / ٩٤.
٢ ـ أُنظر : صفة الصفوة ٢ / ٧٠١.
٣ ـ تاريخ بغداد ٨ / ٤٦٣.