كُلّه ، وفي كتاب الكافي يقول بعض الرواة عن أمير المؤمنين عليهالسلام وهو يعظ الناس : « مروا أهاليكم بالقول الحسن عند موتاكم » ، ويستشهد الإمام علي عليهالسلام في هذا الخطّ بالزهراء عليهاالسلام فقال : « فإنّ فاطمة لمّا قُبض أبوها صلىاللهعليهوآله أسعدتها بنات هاشم ـ على طريقة النساء عند الموت ـ فقالت : اتركن التعداد ـ أي لا تعددن الآلام والأحزان ـ وعليكن بالدعاء » (١).
هكذا كانت الزهراء عليهاالسلام تفهم قضية الاحتفال بمناسبة الموت ، حتّى لو كان الميت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، لذلك فإنّ هؤلاء الذين يتحدّثون بهذه الطريقة عن الزهراء عليهاالسلام في جزعها يسيئون إليها ، باعتبار وصية رسول الله صلىاللهعليهوآله ووعي الزهراء وعصمتها ، فالزهراء لم تكن في موقع الإمامة ، ولكنّها كانت في موقع العصمة ، لأنّها أوّلاً كانت من أهل هذا البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، وهذا دليل عصمة علي والحسن والحسين وفاطمة.
وثانياً : لأنّها كانت سيّدة نساء أهل الجنّة ، ولا يمكن إلاّ أن تكون معصومة.
وثالثاً : لأنّنا لو درسنا كُلّ حياة الزهراء لرأيناها تمثّل العصمة كُلّها ، ولهذا لم تخطئ في حياتها لا في قول ولا في فعل ، كانت لا تقول إلاّ حقّاً ، ولا تتصرّف إلاّ بالحقّ ، سواء مع الذين يلتقون معها أو مع الذين لا يلتقون معها.
وكانت قمّة احتجاجها على الواقع المنحرف أنّها قالت لعلي عليهالسلام : « ادفني ليلاً » ، لا تدع هؤلاء يحضرون جنازتي ، ودُفنت ليلاً ، واختلف الناس في موضع قبرها ، وهناك أحاديث عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام أنّها دُفنت في بيتها ، وعندما وُسّع المسجد دخل بيتها وقبرها في المسجد ، ولعل الحديث : « ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنّة » (٢) ، يشير إلى الزهراء عليهاالسلام ، وهناك رواية تقول إنّها دُفنت في البقيع.
الزهراء عليهاالسلام الطاهرة ، الصدّيقة ، المعصومة ، التي كانت تمثّل التجسيد الحيّ لكُلّ القيم الروحية والإنسانية ، كانت قوية في مواقع القوّة للدفاع عن
____________
١ ـ الكافي ٣ / ٢١٧.
٢ ـ من لا يحضره الفقيه ٢ / ٥٦٨.