فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت |
|
لنا العيون بتهمال له سكب » (١) |
وكذلك روى الشيخ القمّي قدسسره بسند صحيح عن عثمان بن عيسى وحماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : « لمّا بويع لأبي بكر واستقام له الأمر على جميع المهاجرين والأنصار بعث إلى فدك فأخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله منها ، فجاءت فاطمة عليهاالسلام إلى أبي بكر ... فخرجت فاطمة عليهاالسلام من عندهما باكية حزينة ... ودخلت فاطمة إلى المسجد ، وطافت بقبر أبيها عليهالسلام وهي تبكي » (٢) ، ثمّ أنشدت أبياتاً مقاربة لما أورده الشيخ المفيد.
وروى الشيخ الكليني قدسسره بسندين صحيحين عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سمعته يقول : « عاشت فاطمة عليهاالسلام بعد أبيها خمسة وسبعين يوماً لم تر كاشرة ولا ضاحكة ، تأتي قبور الشهداء في كُلّ جمعة مرّتين : الاثنين والخميس ، فتقول : هاهنا كان رسول الله صلىاللهعليهوآله ، هاهنا كان المشركون » (٣).
والكشر كما نعرف هو بدو الأسنان عند التبسّم ، ومن هنا نعرف أيّ حزن وألم عاشته الزهراء عليهاالسلام في تلك الأيّام بعد وفاة أبيها رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وفي الرواية الصحيحة الأُولى عن الشيخ المفيد ورد قولها عليهاالسلام في أبيات الشعر : سوف نبكيك ما عشنا وما بقيت.
ومن المعلوم أنّ الزهراء عليهاالسلام عاشت على أكثر الروايات ستة أشهر بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فإذا عددنا المواقف التي جاء فيها ذكر لبكاء الزهراء من يوم وفاته صلىاللهعليهوآله ، وأخذ فدك والهجوم على بيتها وخطبها في المسجد ، والدوران على بيوت الأنصار وغيرها ، وأخذنا نسبة بينها وبين أيّامها القلائل التي عاشت فيها بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله ، يظهر لنا أنّ القول بكثرة بكائها بعد أبيها صلىاللهعليهوآله لا يخرج عن الصواب.
____________
١ ـ الأمالي للشيخ المفيد : ٤٠.
٢ ـ تفسير القمّي ٢ / ١٥٥.
٣ ـ الكافي ٣ / ٢٢٨.