وقد عرفت نصّ الشهيد : على أنها إنما توافق مذهب أبي حنيفة : ، وهذا إنما هو في صحّة الخروج من الصلاة بغير التسليم من سائر المنافيات ، وإلّا فإنها بمجموعها لا تطابق مذهب أبي حنيفة : ولا غيره ، فلا تضرّ هي وما نقله البهائي : عن ( البشرى ) (١) بالإجماعات المنقولة من القائلين بوجوبه على جزئيّته.
وبالجملة ، فلا ينبغي الشكّ في وجوبه وجزئيّته بعد ما أحطناك به من الأدلّة من النصّ والفتوى والاعتبار والإجماع المنقول ، كلّ ذلك بلا معارض يصلح للمعارضة ويعتمد عليه في تأسيس الأحكام ، على أنه لو فرض وجود قائل بوجوبه وخروجه كان بهذا شاذّاً نادراً لا دليل عليه ، بل هو ممّا أُمرنا أن ندعه.
ثمّ قال البهائي رحمهالله : ( ويتفرّعُ على الحكم بجزئيّته أو خروجه فروعٌ :
منها : لو ظنّ دخول الوقت فصلّى ، ثمّ تبيّن دخوله في أثناء التسليم ، فعلى الجزئيّة تصحّ عند من يكتفي بدخول الوقت في أثناء الصلاة ، كالشيخ (٢) : والمحقّق (٣) وأتباعهما ، عملاً برواية إسماعيل بن رَبَاح (٤). وعلى الخروج تبطل لوقوعها بأجمعها خارج الوقت ) (٥).
قلت : قد عرفت أنه لا يكاد يتحقّق هذا الفرض ؛ لعدم تمكّن عامّة المكلّفين من العلم به.
ثمّ قال : ( ومنها : عدم احتياجه إلى نيّة مستقلّة إن قلنا بجزئيّته ؛ لاندراجه تحت نيّة الصلاة كسائر أجزائها ، وإن قلنا بخروجه افتقر إلى نيّة مستقلّة لا محالة ) (٦).
قلت : هذا حقّ ويجري هذا التفريع على القول باستحبابه ؛ إذ لا محالة أن العبادة المندوبة الواقعة بعد كمال الصلاة وتمامها لا تدخل تحت نيّتها ، بل تفتقر إلى نيّة
__________________
(١) عنه في الحبل المتين : ٢٥٤.
(٢) المبسوط ١ : ٧٤.
(٣) شرائع الإسلام ١ : ٥٣ ـ ٥٤.
(٤) تهذيب الأحكام ٢ : ٣٥ / ١١٠ ، وسائل الشيعة ٤ : ٢٠٦ ، أبواب المواقيت ، ب ٢٥ ، ح ١.
(٥) الحبل المتين ( ضمن رسائل الشيخ بهاء الدين ) : ٢٥٤ ( حجريّ ) ، بتفاوتٍ يسير.
(٦) الحبل المتين ( ضمن رسائل الشيخ بهاء الدين ) : ٢٥٤ ( حجريّ ) ، بتفاوتٍ يسير.