ومتناً ، وقصورها عن الافادة كذلك ، لا أنهم لم يظفروا بتلك (١) الأخبار كيف وهم قد بالغوا في تتبع الآثار ... ويؤيد ما قلناه أن أظهر الروايات دلالة في نظر الشارح في هذا الباب يقصر عن المدعى بزعمه ، فغيره منها بطريق أولى. وكذا العذر في كل موضع ادعى أحدهم قيام الدليل من رواية وغيرها على أمر وأنكره الآخر. وهذا هو الوجه في اختلافهم ، بل خلاف أنفسهم في غير القطعيات من المسائل الخ ».
ولذا أجاب استاذنا المحقق الحكيم عن مخالفة رواية للمشهور ب « أن إعراض المشهور إنما يقدح في الحجية لو كان كاشفاً عن اطلاعهم على عدم الصدور ، أو على وجه الصدور ، أو على قرينة تقتضي خلاف الظاهر ، بحيث لو اطلعنا عليها لكانت قرينة عندنا ، والجميع غير ثابت في المقام لجواز كون الوجه في الاعراض عدم فهمهم منها الوجوب » (٢).
الرابع أن غاية ما يحصل من شهرة الاعراض على فرض تحققها أحد أمرين. إما الظن بوجود خلل في الخبر مانع من العمل به ، أو الظن بعدم صدوره عن المعصوم (ع) ، فيزول لأجله الوثوق بالصدور. وكلاهما غير ضايرين بعدما كان الخبر في نفسه سالم السند والدلالة من الضعف.
أما الأول فظن لم يقم على حجيته دليل. بالاضافة لخدش كثير من الفقهاء في بعض الأخبار بما لا يراه الآخرون صالحاً للخدش. وعليه فلا يسوغ رفع اليد عن ذلك الخبر حتى يثبت لنا الخلل المسقط له عن الاعتبار.
وأما الثاني فكذلك ظن لا يصلح لتوهين الخبر ، لما سبق من ثبوت حجيته بأحد أمرين. إما سلامة سنده من الضعف ، أو حصول الاطمئنان بصدوره من القرائن. وكل منهما يكفي عند ثبوته وإن لم ينضم اليه الآخر
____________
١ ـ الموجود في المصدر ( على ذلك ) والصحيح ما ذكرناه.
٢ ـ المستمسك ج ٥ ص ٣٧٥.