...........................................................................
____________
ومن الغريب أن يستشهد ابن أبي الحديد على عدم النص بما جرى بعد وفاة النبي (ص) ، وما هو إلا تنافس بين المسلمين في شأن الإمرة فطمع فيها الأنصار ، وادعاها المهاجرون والسيوف مسلولة في سبيل ذلك ، حتى كانت ( الفلتة ) في جو من الارهاب. والامام علي ، وبنو هاشم مشغولون بتجهيز النبي (ص). وما أن فرغوا حتى رأوا حدثاً لم يكن في الحسبان ، فامتنعوا من البيعة ، ومعهم نفر من الصحابة المخلصين ، وأقاموا الأدلة ، والنصوص النبوية على أن الخليفة الشرعي للنبي (ص) هو أمير المؤمنين علي (ع). ولم يبق إلا القتال في سبيل الخلافة ، فصبر علي (ع) « وفي العين قذى ، وفي الحلق شجاً » حقناً للدماء ، ورعاية لمعالم الاسلام ومظاهره.
ثم إن الدكتور صبحي صالح قد وصف ابن أبي الحديد بالشيعي تتميماً لحجته حيث يكون الشاهد على الشيعة منهم مع أن تسننه أشهر من أن يخفى. وأبحاثه في ( شرح النهج ) شاهدة بذلك ، وإن فضّل أمير المؤمنين (ع) على غيره ، ومدحه بما يستحقه ، فان محض تفضيله ، ومدحه لا يوجب صدق التشيع.
وقد اضطرب الاستاذ محمد أبو الفضل ابراهيم في مذهب ابن أبي الحديد فجعل له أدواراً ثلاثة تقّلب مذهبه فيها. الأول حينما نشأ في المدائن ، وتلقى عن شيوخها. وكان مذهبه الاعتزال. الثاني حين مدح أمير المؤمنين عليهالسلام بقصائده السبع العلويات ، وكان مذهبه المغالاة في التشيع ، يقول الاستاذ : « وفيها غالى وتشيع ، وذهب به الاسراف في كثير من أبياتها كل مذهب ». وقد كبر على الاستاذ أن يصدر ذلك المدح من أحد أعلام السنة ، فاضطر الى القول بتشيعه ، واستعرض أبياتاً من قصيدته العينية مستشهداً بها على ذلك ، مع أن قوله فيها :