فان الأخبار الآمرة بالرجوع الى ثقات الرواة مثل قوله (ع) : « فانه لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا » (١). ونحوه صريحة في أن العبرة بصفات الراوي ، لا المروي ، فلا تشمل محل البحث.
وكذا آية النبأ حيث علق فيها وجوب التبين على مجيء الفاسق. فتدل بالمفهوم على أن الجائي بالخبر اذا كان عادلاً قُبل خبره ، فيكون العبرة بصفات الراوي أيضاً. بل يدل الأمر بالتبين عند إخبار الفاسق على عدم حجية الخبر المبحوث عنه ، لفرض عدم وثاقة راويه فضلاً عن عدالته.
لكنه قيل : إن منطوق الآية الكريمة دال على حجية الخبر الضعيف الذي اشتهر عمل الفقهاء به ، لأن المراد بالتبين فيها ما يعم تحصيل الظن بصدق الفاسق في خبره ، وذلك يتحقق بتحصيل تلك الشهرة.
وأجاب عنه الشيخ الأنصاري بأن « التبين ظاهر في العلمي ... فمادة التبين ، ولفظ الجهالة ، وظاهر التعليل كلها آبية من إرادة مجرد الظن. نعم يمكن دعوى صدقه على الاطمئنان الخارج عن التحير ، والتزلزل الخ » (٢).
وهو في غاية الجودة ، فان التبين لغة بمعنى الوضوح ، والظهور ، ويستعمل لازماً ، فيقال : تبين الشيء. بمعنى اتضح ، ومتعدياً ، فيقال : تبينته. بمعنى أوضحته ، وفهمته (٣) ، كما في الآية الكريمة ، ولا يصدق
__________________
١ ـ الوسائل ، ح ٤١ ، ب ١١ ـ أحكام القضاء.
٢ ـ فرائد الأصول ص ٧٧ ـ ٧٨.
٣ ـ أقرب الموارد ، مادة بين.