والقدر الذي يفيد العلم منه عزيز الوجود بعيد الحصول الخ ». ثم أورد على ذلك بأمور.
الأول : « ان تحصيل العلم بعدالة كثير من الماضين ، وبرأي جماعة من المزكّين أمر ممكن بغير شك من جهة القرائن الحالية والمقالية ، إلا أنها خفيّة المواقع متفرقة المواضع ، فلا يهتدي الى جهاتها ، ولا يقتدر جمع أشتاتها إلا من عظم في طلب الإصابة جهده الخ ».
الثاني : « سلمنا ولكن نمنع كون تزكية الواحد بمجردها مفيدة للظن كيف وقد علم وقوع الخطأ فيها بكثرة الخ ».
الثالث : « سلمنا ولكن العمل بالظن مع تعذر العلم في أمثال محل النزاع مشروط بانتفاء ما هو أقوى منه ، ولا ريب أن الظن الحاصل من خبر الواحد الذي استفيدت عدالته من تزكية الواحد قد يكون أضعف مما يحصل من أصالة البراءة أو عموم الكتاب الخ » (١).
وجميع ما أفاده قابل للنقاش.
أما الأول فقد اعترف فيه بأن تحصيل العلم بعدالة كثير وإن كان ممكناً لكنه ليس بمحض الشهادة ، بل بالقرائن الحالية والمقالية الخفية المواقع المتفرقة المواضع المحتاجة الى جهد عظيم. وإذا كان حال القرائن هكذا في زمانه قبل ما يقرب من أربعة قرون فكيف بزماننا ، وأين توجد تلك القرائن المفيدة للعلم في هذا العصر ، بحيث توجب لنا انفتاح بابه في شأن وثاقة الرواة؟. على أن حكم تلك القرائن مختص بمن قامت لديه فلا تكون حجة بالنسبة لغيره ، نظير دعوى احتفاف جميع أخبار كتبنا الأربعة بقرائن تفيد القطع بصدورها عن المعصوم (ع).
وأما الثاني فلا نسلّم ما ذكره فيه من عدم حصول الظن من تزكية
____________
١ ـ منتقى الجمان ج ١ ص ١٥ ـ ١٩ ـ ٢٠.