في الجملة لكن العرف يسقط هذا القيد عن درجة الاعتبار ، فان قول الأب لابنه : لا تأكل هذه الحشيشة لأنها سم. يقتضي منعه من أكل كل حشيشة تكون سماً. الثالث : سلمنا عدم ظهور إلغاء القيد لكن دليلكم إنما يتمشى فيما اذا قال الشارع : حرمت الخمر لكونه مسكراً. أما لو قال : علة حرمة الخمر هي الاسكار. انتفى ذلك الاحتمال.
ثم ناقش العلامة في هذه الوجوه وجعل النزاع بين الفريقين لفظياً ، فالقائل بالتعدي يستفيد من قول الشارع : حرمت الخمر لكونه مسكراً. التعليل بمطلق الاسكار ، والمانع منه لا يستفيد ذلك بل يحتمله ويحتمل التعليل بالاسكار المختص بالخمر ، وإلا فهما متفقان على أن التعليل بالاسكار المختص بالخمر لا يعم غيره والتعليل بمطلق الاسكار يعم كل مسكر ، فالخلاف بينهم فيا هو المستفاد من ذلك التعليل ونظائره « فيجب أن يجعل البحث في هذا ، لا في أن النص على العلة هل يقتضي ثبوت الحكم في جميع مواردها فان ذلك متفق عليه ».
وأورد عليه الشيخ حسن بن الشهيد الثاني بأن النزاع بين الفريقين معنوي وأن كلام السيد المرتضى صريح فيه ، حيث استدل على المنع « بأن علل الشرع إنما تنبئ عن الدواعي الى الفعل أو عن وجه المصلحة فيه ، وقد يشترك الشيئان في صفة واحدة ويكون في أحدهما داعية الى فعله دون الآخر مع ثبوتها فيه ، وقد يكون مثل المصلحة فيه مفسدة ، وقد يدعو الشيء الى غيره في حال دون حال الخ ».
ثم ناقش الشيخ حسن في دليل السيد المرتضى ب « أن المتبادر من العلة حيث يشهد الحال بانسلاخ الخصوصية منها تعلق الحكم بها لا بيان الدواعي ووجه المصلحة » ، وقال : « الأظهر عندي ما قاله المحقق » (١). وهو التعدي عن مورد الحكم فيما لو نص الشرع على العلة ، وكان هناك شاهد حال يدل
____________
١ ـ معالم الأصول ص ٢١٤ ، وما بعدها.