فيجب العمل به لذلك ، لان العلم حجة ذاتية بدون توسط تعبّد شرعي ، وإن اختلف في أن العلم الحاصل بالتواتر ضروري او نظري.
وعرّف المتواتر : بأنه الذي « بلغت رواته في الكثرة مبلغاً أحالت العادة تواطؤهم على الكذب ، واستمر ذلك الوصف في جميع الطبقات حيث تتعدد ، فيكون أوله كآخره ، ووسطه كطرفيه » (١).
ويلحق به الحديث المحفوف بالقرائن الموجبة للقطع بصدوره عن المعصوم (ع) وان لم يتواتر ، فيجب العمل به لذلك ايضاً. وسيأتي البحث عنه مفصّلا.
أما الحديث الغير المتواتر ، والمحفوف بتلك القرائن ـ وهو المسمّى بخبر الواحد ـ ، فقد اختلف قدامى الفقهاء في حجيته ، فاختار جماعة عدمها ، كالسيد المرتضى ، وابن ادريس ، بل نسب الى الاكثر ، وإن اختلفوا في إمكان التعبّد به وعدمه (٢) ، حيث أغناهم عنه الاخبار المحفوفة بقرائن أفادتهم وثوقاً بصدورها عن المعصوم (ع).
واختار آخرون حجيته ، كالشيخ الطوسي ، صرح بها في موارد من كتاب ( العدة ) مستدلاً بقوله : « ومما يدل ايضاً على صحة ما ذهبنا اليه انا وجدنا الطائفة ميّزت الرجال ... فلولا أن العمل بما يسلم من الطعن ، ويرويه من هو موثوق به جائز ، لما كان بينه وبين غيره فرق الخ » (٣) ، ولكل من الفريقين أدلة بسطت في كتب الدراية والأصول.
أما المتأخرون من الفقهاء فقد اجمعوا على حجيته ، وأقاموا الادلة عليها.
____________
١ ـ الدراية للشهيد الثاني ، ص ١٢.
٢ ـ انظر مقدمة كتاب السرائر ، والدراية للشهيد الثاني ص ٢٧ ، ومعالم الاصول ص ١٨٤.
٣ ـ عدة الاصول ص ٥٨.