علله ودواعيه ، وجاءت أحياناً مقرونة بها. وعليه نبحث أولاً عن الدليل المجرد عن العلة ، وثانياً عن الدليل المقرون بها.
أما الأول فيجب الاقتصار على مورده ، فلا يصح التعدي عنه الى الأشباه والنظائر عملاً بالأقيسة والاستحسانات ، فان العقل البشري قاصر عن إدراك ملاكات الأحكام واستنباط عللها.
وقد استفاضت الأحاديث عن أهل البيت (ع) في المنع عن العمل بالقياس والتنديد بمن يعمل به حتى بلغت على ما قيل خمسمائة حديث. فروي عن الامام الرضا (ع) عن آبائه (ع) : أن النبي (ص) قال : « قال اللّه جل جلاله : ما آمن بي من فسّر برأيه كلامي ، وما عرفني من شبّهني بخلقي ، وما على ديني من استعمل القياس في ديني ». وروي عن الامام الصادق (ع) قال : « إن أصحاب المقاييس طلبوا العلم بالمقاييس فلم تزدهم المقاييس من الحق إلا بُعداً ، وإن دين اللّه لا يصاب بالمقاييس ». وقال (ع) لأبان : « إن السنّة إذا قيست محق (١) الدين ». وقال (ع) لأبي حنيفة : « بلغني أنك تقيس. قال : نعم أنا أقيس. قال (ع) : لا تقس فان أول من قاس إبليس حين قال : خلقتني من نار وخلقته من طين (٢) » (٣).
____________
١ ـ قيل : المحق أن يذهب الشيء كله حتى لا يرى منه أثر. وقيل : نقص الشيء قليلاً قليلاً. ( أنظر أقرب الموارد ، مادة محق ).
٢ ـ الأعراف / ١٢.
٣ ـ أنظر هذه الأحاديث ونظائرها في الوسائل ب ٦ ـ صفات القاضي ـ كتاب القضاء.