إن محض اتصاف الرجل بالوقف ، وصدور لعنه عن أهل البيت عليهمالسلام لذلك لا يسقط حديثه عن الاعتبار لو كان ثقة في نفسه لا يكذب في قوله ، حيث لا يشترط في اعتبار الراوي العدالة ولا الايمان وإن اعتبرهما جماعة ، فلم يعملوا بخبر سيّئ العقيدة وإن كان ثقة ، لكن سبق وهنه (١). فلا تنافي بين وثاقة الرجل في حديثه ، وانحرافه عن أهل البيت (ع) في عقيدته.
وعليه فما دل على وقف البطائني ، ولعنه لذلك ، وتعذيبه في الآخرة عليه ، لا يصلح دليلاً لإثبات ضعفه ، كما وأن تشبيهه وأصحابه بالحمير لا صلة له بالوثاقة ، فانه يعرب عن عدم انتفاعهم بما حملوه من علوم أهل البيت عليهمالسلام وأحاديثهم ، فمثلهم « كمثل الحمار يحمل أسفاراً » (٢) فيرتكز ضعفه إذن على ثلاثة أمور.
الأول : إن قوله بالوقف ، وانحرافه عن الامام الرضا (ع) لم يكن لشبهة عرضت له ، وإنما دعاه اليه الطمع يما عنده من أموال الامام الكاظم (ع) ، حيث يلزمه تسليمها الى ابنه الرضا (ع) لو اعترف بامامته وهذا المعنى شاع واشتهر ، واستفاضت الروايات الدالة عليه ، التي وثق الشيخ الطوسي رواتها بقوله : « فروى الثقات أن اول من اظهر هذا الاعتقاد علي بن أبي حمزة البطائني ... طمعوا في الدنيا الخ » ما سبق.
فقد تعمد البطائني الكذب في إخباره عن حياة الامام الكاظم (ع) وإنكاره لموته ، ليبقى وكيلاً عنه ، ولتبقى امواله في يده ، وذلك منتهى
____________
١ ـ انظر ص ٢٧ ـ ٢٨.
٢ ـ الجمعة / ٦