ذلك إلا مع العلم به ، أو الاطمئنان. فتدل الآية الكريمة على حجية الحديث المطمأن بصدوره ، وصدق راويه ، فضلاً عن كون الاطمئنان في نفسه حجة عقلائية. وعليه فالظن بصدق الراوي لشهرة العمل ليس بتبين ليجبر به ضعف سند الحديث.
وأما السيرة ، وبناء العقلاء فموردهما الخبر الذي حصل الاطمئنان بصدوره ، أو كان راويه ثقة في نقله ، أما الخبر الفاقد لهذين الوصفين معاً فلا يشملانه ، كما هو شأن كل دليل لبي لا إطلاق له ، فلا عبرة بالظن بالصدور مع ضعف الراوي.
وأما الاجماع الذي استدل به على حجية خبر الواحد ، فقيل : بشموله لما اشتهر العمل به. وأنه لا منافاة بين ثبوت الاجماع على حجية مطلق الخبر ليشمل المورد ، وعدم ثبوته في هذا الصنف من الخبر بخصوصه. لكن يوهنه.
أولاً : اشتهار الخلاف في حجية خبر الواحد ين قدامى الفقهاء ، حيث أنكرها السيد المرتضى ، وأتباعه ، وحصروا الحجة بالمتواتر من الأخبار وإنما نقل الشيخ الطوسي الاجماع على حجيته.
على أن هناك جماعة فهموا من كلام الشيخ الطوسي دعواه الاجماع على حجية الأخبار التي اشتهر نقلها ، وتدوينها في الكتب الدائرة بين الأصحاب ، وهي المحفوفة بقرائن الصحة ، لا كل خبر يرويه إمامي عدل فيكون الخلاف بين السيد المرتضى ، والشيخ الطوسي لفظياً ، حكي هذا عن المحقق الحلي في ( المعارج ) والشيخ حسن ابن الشهيد الثاني في ( المعالم ) والمحدّث الاسترابادي في ( الفوائد المدنية ). لكن ناقشهم الشيخ الانصاري في ذلك (١). وسبق في البحث عن ( تنويع الحديث ) صراحة كلام
__________________
١ ـ فرائد الأصول ص ٩١ ـ ٩٢.