أو تشتكي العطش الفواطم عنده |
|
وبصدر صعدته الفرات المفعم |
ولو استقى نهر المجرة لارتقى |
|
وطويل ذابله اليها سلم |
لو سدّ ذو القرنين دون وروده |
|
نسفته همته بما هو أعظم |
يا رب .. يا حكم ويا عدل .. لقد سلب الله الرحمة والانسانية من قلوب أولئك المسوخ فداسوا القيم وتنكروا للحسين عليهالسلام ....
وحالوا بينه وبين الماء. وناده عبد الله بن حصين الأزدي : يا حسين ألا تنظر إلى الماء كأنه كبد السماء والله لا تذوق منه قطرة حتى تموت عطشاً أنت وأصحابك.
ونادى عمرو بن الحجاج : يا حسين هذا الفرات تلغ فيه كلاب السواد وخنازيرهم ، فوالله لا تذوق منه قطرة.
والغريب أن هذا اللعين كان ممن كاتب الحسين عليهالسلام ودعاه للقدوم إلى الكوفة!!
وقال زرعة بن أبان بن دارم : حولوا بينه وبين الماء ، ورماه بسهم فأثبته في حنكه فقال عليهالسلام : اللهم أقتله عطشاً ولا تغفر له أبداً (١).
وهكذا منعوا الحسين وأهله وأصحابه عن الماء ، وفي اليوم السابع اشتد الحصار على سيد الشهداء ومن معه ، وسدّ عنهم باب الورود ، ونفد ما عندهم من الماء ، فعاد كلّ واحد يعالج لهب العطش ، وبطبع الحال كان العيال بين أنة وحنة ، وتضور ونشيج ، ومتطلب للماء إلى متحرّ له بما يبلّ غلّته ، وكلّ ذلك بعين الحسين عليهالسلام والغيارى من آه والأكارم من صحبه ، وما عسى أن يجدوا لهم شيئاً وبينهم وبين الماء رماح مشرعة وسيوف مرهفة لكن «ساقي العطاشى» لم يتطامن على تحمل تلك الحالة ، فراح يستقي لهم وقدم يمينه ويساره ورجليه وكلّ روحه في سبيل إغاثتهم.
وروي أنّ أهل البيت عليهمالسلام صارعوا العطش ـ صغاراً وكباراً ـ ثلاثة أيام بلياليها (٢).
__________________
(١) مثير الاحزان : ٧٠ ، نفس المهموم : ٣٣١.
(٢) مرأة الزمان في تواريخ الاعيان : ٨٩.