ـ يا عدو الله وعدوّ رسوله ـ فمعوّد للقاء الأبطال ، والصبر على البلاء في النزال ، ومكافحة الفرسان ، وبالله المستعان ، فمن كملت هذه فيه فلا يخاف ممن برز اليه ، ويلك ؛ أليس لي اتصال برسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأنا غصن متصل بشجرته ، وتحفة من نور جوهره ، ومن كان من هذه الشجرة فلا يدخل تحت الذمام ، ولا يخاف من ضرب الحسام ، فأنا ابن علي لا أعجز من مبارزة الأقران ، وما أشركت بالله لمحة بصر ، ولا خالفت رسول الله صلىاللهعليهوآله فيما أمر ، وأنا منه والورقة من الشجرة ، وعلى الأصول تثبت الفروع ، فاصرف عنك ما أملته ، فما أنا ممن يأس على الحياة ولا يجزع من الوفاة ، فخذ في الجد واصرف عنك الهزل ، فكم من صبي صغير خير من شيخ كبير عند الله تعالى ، ثم أنشأ يقول :
صبراً على جور الزمان القاطع |
|
ومنية ما أن لها من دافع |
لا تجزعن فكل شيء هالك |
|
حاشا لمثلي أن يكون بجازع |
فلئن رماني الدهر منه بأسهم |
|
وتفرق من بعد شمل جامع |
فكم لنا من وقعة شابت لها |
|
قمم الأصاغر من ضراب قاطع |
قال : فلما سمع المارد كلام العباس وما أتى به من شعره لم يعط صبراً دون أن خفق عليه بالحملة ، وبادره بالطعنة ، وهو يظن أنّ أمره هيّن ، وقد وصل اليه ، وقد مكّنه العباس من نفسه ، حتى إذا وصل اليه السنان قبض العباس الرمح وجذبه اليه ، فكاد يقلع المارد من سرجه ، فخلّا له الرمح وردّ يده إلى سيفه ، وقد تخلله الخجل عندما ملك منه رمحه.
قال : فشرع العباس الرمح للمارد فصاح به : يا عدو الله ؛ إنّني أرجوا من الله ـ تعالى ـ أن أقتلك برمحك ، فجال المارد على العباس وقحم عليه ، فبادره العباس وطعن جواده في خاصرته ، فشبّ به الجواد فاذا المارد على الأرض ، ولم يكن لللعين طاقة على قتال العباس راجلاً ؛ لأنه كان عظيم الجثة ثقيل الخطوة ،