فأجابنا بتعاليه وغطرسته المعهودتين : دعنا من هذا ، أتريدنا نزور النساء هذه المرة ونحن رجال.
وتركنا وخرج من البقيع ، ذهبت أنا والسيد هادي المگوطر لزيارتها.
وفي فجر اليوم التالي استيقظت من نومي وتفقدت عبد العباس فلم أجده في فراشه ، وكنا في غرفة واحدة ، فانتظرته قليلاً وقلت في نفسي : ربما ذهب إلى الحمام ، ولكن طال انتظاري ولم يعد ، فقلقت عليه ، وأيقظت زميلي الآخر السيد هادي المگوطر وقلت له : أين ذهب يا ترى؟ فهذه بعض ملابسه ، كما أنّ هميانه لا يزال تحت وسادته ، فاشتد قلقنا عليه أكثر فأكثر. ولما طالت مدة غيابه بدأنا نفكر إلى أين نذهب؟ وكيف نبحث عنه؟ ومن نسأل؟ وممن نستفسر؟
وبعد فترة قصيرة فتح باب الغرفة ودخل علينا وهو في حالة مثيرة من شدة تأثره ، وعيناه حمراوان كعلقة الدم من شدة البكاء ، فقمنا بوجهه وقلنا له : خيراً إن شاء الله ، أين كنت ، وما هذه الحالة التي نراك عليها؟ قال : دعوني استريح حتى أحدثكم : وبعد أن استقرّ به المقام واستراح قال : تذكرون حادثة عصر يوم أمس عندما رفضت زيارة قبر اُم البنين عليهاالسلام وخرجت من البقيع؟
قلنا : نعم نتذكرها جيداً.
فقال : قبل الفجر رأيت فيما يرى النائم كأني في صحن أبي الفضل العباس عليهالسلام في كربلاء ، ورأيت الناس يدخلون إلى الحرم الشريف زرافات زرافات لزيارة أبي الفضل العباس ، وعندما هممت بدخول الحرم الشريف مع الداخلين منعت من الدخول فاستغربت وسألت : من الذي منعني؟ لماذا لم يأذن لي بالدخول؟
قال الحارس : إنّ سيدي أبا الفضل قد أمرني بذلك.
فقلت للحارس : لماذا؟
قال : لا أعلم.