فسحت دموع الفرح من عيون الزوج والزوجة على الرغم منها ، وقال الزوج متلجلجاً يحاول تمرير الكلمات بين الدموع والعبرات : هل أنّك مطمئن سيادة الدكتور؟
فأجابه الطبيب ببرود الواثق : نعم.
وخيم الظلام مرة أخرى ، فأثقل العيون وأغمض الجفون ، وغطّ الناس كلّهم في نوم عميق إلّا وزيرة وزوجها ، فقد قلقل السهادة أحشاءهم وهم يتطايرون من غصن إلى غصن ، ويبنون لأنفسهم في كلّ لحظة ألف عش ، ويصغون إلى زغاريد الصغير الذي سيملأ حياتهم حباً ونشاطاً وفاعلية ، ويبعث فيهم الحياة من جديد ، يستعجلون عقارب الساعة لينفلق الفجر فيفرحون ، ويحاولون جرجرت قطع الليل لئلا ينتهي فتموت آمالهم في صدورهم ، وباغتهم الفلق ، فانتبهوا على ضجيج الناس وهم ينتشرون في الشوارع ، فسارعوا إلى المختبر والآمال تسبقهم ، ودخلوا المستشفى وقدّموا طلبهم وانتظروا فترة ، ما كان أطولها في عمرهم ، فنادت الممرضة باسم «وزيرة» فحبست الأنفاس في صدورهم ، وخانتهم السيقان فلم تقوى على حملهم ، فتحامل زوجها وتقدم نحو الممرضة ، ووزيرة قعدت مكانها وتسمّرت إلى الأرض ، فقال الزوج : نعم ما هي النتيجة؟ فنظرت الممرضة في الورقة وتبسمت وقالت : آسفة إنّها حاملة ...
ليت الكلمات تستطيع أن تعبّر ... طار من الفرح وهو يحاول أن يعيد قلبه النشوان إلى صدره ، فصرخ وصرخ معه كلّ وجوده ، وصرخت معه جميع خلايا جسمه : الحمد لله. الحمد لله. الحمد لله واحتضن وزيرة وهو يقول : لا أصدق يا وزيرة ... لا أصدق. فارتسمت على شفتي وزيرة ابتسامة أمل نشوى ، وأحست بأن كلّ معاناتها قد ذابت وصارت ذكريات.
وعاد الزوجان إلى البيت وسجدا شكراً لله ، وذاع الخبر بين الناس ، وسمع