مقامه ، وأنّ حكومتهم تفتقد الشرعية ، وأنّ ما تقوم به من فتوح إنّما هو «توسعية» وتوسيع لرقعة الامبراطورية ، وليست جهاداً ، فتقاعسوا عنهم ، فأراد الخليفة أن يعبأ الناس لما يسميه «جهاداً» ، ويعظّم الجهاد في نفوسهم ؛ لئلا يفكر أحدهم أنّ العبادات والصلاة أهم من الجهاد.
فقد روى أبو حنيفة وأبو يوسف القاضي وغيرهم أنّ «حي على خير العمل» كانت في الأذان على عهد النبي صلىاللهعليهوآله وأبي بكر وصدراً من أيام عمر إلّا أنّ عمر أمر بتركها وقال : أخشى أن يتوجه الناس إلى الصلاة ويعرضوا عن الجهاد (١).
وروي عن الباقر عليهالسلام قال : كان الأذان «حي على خير العمل» على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله وبه أمروا أيام أبي بكر وصدراً من أيام عمر ، ثم أمر عمر بقطعه وحذفه من الأذان والاقامة ، فقيل له في ذلك فقال : اذا سمع عوام الناس أنّ الصلاة خير العمل تهاونوا بالجهاد وتخلفوا عنه (٢).
وعن عكرمة قال :
قلت لابن عباس : أخبرني لأي شيء حذف من الأذان «حي على خير العمل»؟
قال : أراد عمر بذلك أن يا يتّكل الناس على الصلاة ويدعوا الجهاد ؛ فلذلك حذفها من الاذان (٣).
قال المجلسي رحمهالله : يدلّ هذا على أنّ عمر وأتباعه يزعمون أنهم أعلم من الله ورسوله صلىاللهعليهوآله ، وأنهما لم يفطنا بهذه المفسدة وتفطن بها هذا الشقي الغبي ، ولم يمنع ذلك أصحاب الرسول صلىاللهعليهوآله في زمانه ، وأصحاب أمير المؤمنين عليهالسلام عن الجهاد ، بل كانوا مع مواظبتهم على «حي على خير العمل» أشد اهتماماً بالجهاد من سائر العباد (٤).
__________________
(١) الايضاح : ٢٠٢.
(٢) البحار ٨١ / ١٥٦ باب ٣٥ ح ٥٤ عن دعائم الاسلام.
(٣) البحار ٨١ / ١٤٠ باب ٣٥ ح ٣٤ ، عن علل الشرائع ٢ / ٥٦.
(٤) البحار ٨١ / ١٤٠ ذيل ح ٣٤.