وروى هو أيضاً في نفس الكتاب المذكور : إنّ رجلاً دخل على رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال : يا رسول الله ؛ إنّ أبا ذر يذكر في الأذان بعد الشهادة بالرسالة الشهادة بالولاية لعلي ويقول : «أشهد أنّ علياً ولي الله».
فقال صلىاللهعليهوآله : كذلك ، أو نسيتم قولي في غدير خم «من كنت مولاه فعلي مولاه» فمن ينكث فانما ينكث على نفسه (١).
ومن هنا نعلم أنّ الشهادة الثالثة لها جذور عريقة وممتدة إلى عهد النبي صلىاللهعليهوآله ويستفاد من قول النبي صلىاللهعليهوآله إمضاؤها ، فهي اذن من سننه صلىاللهعليهوآله لأنّ السنة هي قول المعصوم أو فعله أو إمضاؤه.
أضف إلى ذلك أنّ سلمان وأبا ذر ليسا ممن يقدما على عمل دون استئذان النبي صلىاللهعليهوآله ـ سيما إذا كان العمل عبادياً ـ وهما بالمنزلة التي لا تخفى على أحد حيث قال النبي في سلمان «سلمان منا أهل البيت» (٢).
وقال في أبي ذر : «ما أظلت الخضراء ولا أقلّت الغبراء من ذي لهجة أصدق ولا أوفى من أبي ذر» (٣).
أما في العهد الأموي والعباسي فان الشيعة كانوا في شدّة وتحت ضغوط لا ترحم ، فلم يتسنى لهم أن يعلنوا شعارهم ـ الشهادة الثالثة ـ بأي حال من الأحوال ، ولو كان فيهم من يتفوه بها فانما يقدم على ذلك ضمن ظروف التقية المشدّدة ، في ثنايا الخفاء الذي لا يتعدى جدران التستر والحيطة ، بل كان الأمر في ذينك العهدين على العكس تماماً حيث كان سبّ أمير المؤمنين عليهالسلام فرماناً ظالماً أصدره معاوية وعممه في جميع الاصقاع ؛ ليكون سنة أموية في الأذان والقنوت
__________________
(١) جواهر الولاية : ٣٧٩ ، الشهادة الثالثة : ٣٢٣.
(٢) فيض الغدير ٤ / ١٠٦.
(٣) سنن الترمذي ٥ / ٣٣٤ ح ٣٨٩٠.