إنها لم تخرج بجسدها إلى كربلاء إلّا أنها أخرجت أفلاذ كبدها واقترن اسمها من خلال موقف أبناءها بقضية الطف ، وصار اسمها مقروناً باسم الحسين وثورته ، ومن اقترن اسمه باسم الحسين عليهالسلام بأي شكل من الأشكال ولأي سبب من الأسباب كتب له الخلود حتى أنك لا تكاد تسمع لباقي نساء أمير المؤمنين عليهالسلام ذكر إلّا في ظلال ذكر أُم البنين عليهاالسلام ....
* * *
وليس ثمة «صدفة» تتحكم في الكون والحياة ، فكلّ شيء عنده بمقدار ، وقد ورد في الحديث ـ كما في الخصال ـ أنّ الأسماء تنزل من السماء ، فلا شك أنّ لهذه السيدة العظيمة خصيصة خصها الله بها حتى اختار لها هذا الاسم المبارك وجعلها تشارك الصديقة في اسمها ، قال الكجوري في الخصائص الفاطمية :
«الحمد لله الذي جعل اسم فاطمة في كلّ بيت من بيوت هذه الأُمة سبباً للبركة ونزول الرحمة ، وستبعث الفواطم ـ غداً يوم القيامة ـ من التراب رافعات الرؤوس فخراً ومباهاة ، لأنهن أُمهات السيد المختار صلىاللهعليهوآله وسيمات فاطمة الزهراء عليهاالسلام فيقلن فاطمة أفضل منّا ، ونحن أفضل من باقي النساء لشبه اسمنا باسمها ، وفي هذا الاشتراك الاسمي مزية فوق المزايا ورتبة فوق الرتب ... فإذا نودي يوم القيامة «فاطمة» قام ما لا يحصى عدداً من النساء ، ولما كان الاسم الشريف «فاطمة» يتضمن معنى الشفاعة ، فكيف ترضى السيدة أن تحترق المرأة وهي في عصمتها وسمّيتها ، فتكرم لاسمها وتنال الشفاعة وتنجو من أهوال المحشر ...».
لقد جعل الله سميت فاطمة الزهراء وأُم أشبال أمير المؤمنين عليهالسلام باباً من أبواب رحمته ، ما قصدها أحد إلّا ونال قصده ، وما توجه بها إلى الله ـ عزّ وجل ـ متوجه إلّا أعطى سؤله ، ومن شاء فليتوسل إلى الله بها ليعلم صدق ذلك.