إني أحبه وأحبّ من يحبه وأبغض من يبغضه ، وقال : إنه سلم لمن سالمه وحرب لمن حاربه وعدو لمن عاداه.
وهتكت ستر رسول الله صلىاللهعليهوآله وخرجت تحارب إمام زمانها لتستريح من لهيب الغيرة الذي كان يصهر كيانها وهي ترى علياً أمير المؤمنين عليهالسلام زوج الصديقة المحبوبة ، والمقدّم على غيره حيث يناجيه زوجها من دونها ومن دون غيرها ... ومن ثم جرتها الغيرة المشؤومة للتشكيك في عدالة سيد المرسلين وأعدل الخلق أجمعين حيث تخرج ـ ليلة النصف من شعبان ـ لتبحث عنه في سواد الليل البهيم وتظن ـ والعياذ بالله ـ أنه تركها في ليلتها وخرج إلى بعض نساءه ، فتجده صلىاللهعليهوآله ساجداً في مسجده الشريف.
فيما نرى أُم البنين عليهاالسلام تزف أولادها الأربعة إلى أعراس المنية وهي تعلم أنهم سيسبحون كالأقمار في غدير الدماء ، وتودّع الحسين عليهالسلام وزينب عليهاالسلام الذين قدمتهما على نفسها وأولادها امتثالاً لأمر الله ، وتتعامل مع الحسين باعتباره الإمام المفروض عليها طاعته ، ومع أنها سرحت قلبها معهم وبقيت ترفرف بروحها على ساحة المعركة وتتسقط أخبارهم من القادمين ، ويا ليتها كانت حاضرة فترى مفاخرهم وبطولاتهم فيهون عليها الخطب ، ولربما كان أهون عليها من تحمل الفراق ... وتحمل معاناة الانتظار ومناشدة الركبان.
لقد خرجت عائشة بعد وفاة النبي وهتكت حرمته وخالفت أمر ربه وكابرت صريح القرآن ، وقعدت أُم البنين عليهاالسلام عن الخروج مع الإمام المعصوم عليهالسلام لأنها أصغت بإذن المؤمن المطيع لقوله تعالى : (وقرن في بيوتكنّ) وهي تعتقد أنّ الله أمرها من خلال هذه الآية باعتبارها زوجة سيد الوصيين بما أمر به نساء سيد المرسلين ، ولعل هذا هو السبب أو جزء السبب من وراء بقاءها في المدينة وصبرها على مضض وتركها الخروج مع الركب الحسيني ....