ويستثنى أيضا نون لدن ، وحذفه شاذ ، ووجهه مع الشذوذ أنه كان فى معرض السقوط من دون التقاء الساكنين ، نحو :
٧٣ ـ من لد لحييه إلى منحوره |
|
يستوعب البوعين من جريره (١) |
فيجوز حذفه إذا وقع موقعا يحسن حذف حرف المد فيه ، وذلك لأجل مشابهته للواو ، ولا يقاس عليه نون لم يكن ، وإن شاركه فيما قلنا : من مشابهة
__________________
الساكنين ، وهو تحريك أولهما إذا لم يكن مدة ، وأجروا النون على خلاف الأصل ، وهو حذف أول الساكنين ، مع أنها ليست مدة ، فرقا بينها وبين التنوين ، ولم يعكسوا ؛ لأن التنوين لازم للاسم المتمكن بخلاف النون ، والخلاصة أن التنوين إذا التقى مع ساكن آخر فلا يحذف قياسا إلا فى ابن وابنة إذا كانا نعتين لعلم وكانا مضافين لعلم آخر ، وإنما حذف التنوين من الموصوف بهما لأنه قد كثر استعمالهما نعتين على هذا الوجه ، واللفظ إذا كثر استعماله طلب التخفيف فيه ، فلما اضطروا بسبب التقاء الساكنين إلى تحريك التنوين أو حذفه اختاروا حذفه طلبا للخفة ، والنون الخفيفة إذا التقت مع ساكن آخر حذفت قياسا ؛ قصد اللفرق بينها وبين التنوين
(١) هذا البيت من شواهد سيبويه ، وقد وقع فى نسخ الأصل كلها على ما ترى ، والذى فى سيبويه وفى شرح الشواهد للبغدادى
يستوعب البوعين من جريره |
|
من لد لحييه إلى منحوره |
وصف بعيرا ، أو فرسا ، بطول العنق فجعله يستوعب من حبله الذى يربط به مقدار باعين فيما بين لحييه ونحره. والبوعان : مثنى بوع ، وهو مصدر بعت الشىء أبوعه بوعا إذا ذرعته بباعك ، والجرير : الحبل والاستشهاد بالبيت فى قوله : «لد لحييه» على أن أصله لدن فحذفت النون قال سيبويه. «فأما لدن فالموضع الذى هو أول الغاية ، وهو اسم يكون ظرفا ، يدلك على أنه اسم قولهم : من لدن ، وقد يحذف بعض العرب النون حتى يصير على حرفين ، قال الراجز : «يستوعب البوعين ... البيت» اه