الساكنين ، وروى أبو زيد عن عمرو بن عبيد (عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ) قال المبرد : قلت للمازنى : أتقيس ذلك؟ قال : لا ، ولا أقبله (١) ، وذهب الزمخشرى والمصنف إلى أن جعل الألف همزة مفتوحة للفرار من الساكنين.
فإن قيل : فالتقاء الساكنين فى نحو دابّة أسهل من نحو تمودّ الثوب ؛ لأن الألف أقعد فى المد من أخويه ، فلم لم يفر من الساكنين فى تمود؟
فالجواب أنه وإن كان أثقل إلا أنه أقل فى كلامهم من نحو دابّة وشابّة ، وإنما قلبت الألف همزة دون الواو والياء لاستثقالهما متحركين مفتوحا ما قبلهما ، كما يجىء فى باب الإعلال ، ولأنه يلزم قلبهما ألفين فى مثل هذا الحال ، ويجوز
__________________
(١) قول المؤلف حكاية عن المازنى في جوابه على المبرد : «ولا أقبله» معناه محتمل لأحد وجهين : الأول أن الضمير المنصوب عائد على القياس المفهوم من قوله : «أتقيس ذلك» وحاصل المعنى حينئذ : لا أقيس ولا أقبل القياس إن قال به قائل ، والثانى أن الضمير المنصوب راجع إلى اسم الاشارة المقصود به قراءة عمرو بن عبيد ، وحاصل المعنى حينئذ : لا أقيس على هذه القراءة ولا أقبلها ، وفى الوجه الثانى نظر ، فقد كان عمرو بن عبيد من الجلالة والامامة بحيث لا يدفع ما يرويه. نعم يمكن أن يوجه عدم القبول إلى صحة الاسناد إليه فكأنه يقول : لا أقبل نسبة هذه القراءة إلى عمرو بن عبيد ، بقى أن نقول : إن مثل هذه القراءة قد جاء فى قوله تعالى (وَلَا الضَّالِّينَ) عن أيوب السختيانى فلا محل لأنكارها ، قال العلامة القرطبى (ج ١ ص ١٣١) وقرأ أيوب السختيانى (وَلَا الضَّالِّينَ) بهمزة غير ممدودة كأنه فر من التقاء الساكنين ، وهي لغة ، حكي أبو زيد قال : سمعت عمرو بن عبيد يقرأ (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جأنّ) فظننته قد لحن ، حتى سمعت من العرب دأبّة وشأبّة ، قال أبو الفتح : وعلى هذا قول كثير :
* إذا ما الغوا لى بالعبيط احمأرّت*» اه