فليس فيه إلا قلب التنوين ألفا إلا على لغة ربيعة ؛ فانهم يجوزون حذف التنوين فلا منع إذن عندهم من التضعيف ؛ وإن لم يكن منونا ، نحو رأيت الرّجل ، ولن نجعل ، ورأيت أحمد ، فلا كلام فى جواز تضعيفه كما فى الرفع والجر
قوله «ونحو القصبّا شاذ ضرورة» اعلم أن حق التضعيف أن يلحق المرفوع والمضموم والمجرور والمكسور والمنصوب غير المنون ، كما ذكرنا ، والمفتوح ، وأما المنصوب المنون فيكتفى فيه كما قلنا بقلب التنوين ألفا ، وينبغى أن يكون الحرف المضعف ساكنا ؛ لأنك إنما تضعفه لبيان حركة الوصل ؛ فاذا صار متحركا فأنت مستغن عن الدلالة على الحركة ، إذ هى محسوسة ، لكنهم جوزوا فى القوافى خاصة بعد تضعيف الحرف الساكن أن يحركوا المضعف لقصد الإتيان بحرف الإطلاق ؛ لأن الشعر موضع الترنم والغناء وترجيع الصوت ، ولا سيما فى أواخر الأبيات ، وحروف الإطلاق : أى الألف والواو والياء هى المتعينة من بين الحروف للترديد والترجيع الصالحة لها ، فمن ثم تلحق فى الشعر لقصد الإطلاق كلمات لا تلحقها فى غير الشعر نحو قوله :
١٠٧ ـ * قفانبك من ذكرى حبيب ومنزلى (١) *
__________________
(١) هذا صدر بيت هو مطلع معلقة امرىء القيس ، وعجزه قوله :
* بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل*
وقفا : أمر بالوقوف مؤكد بالنون الخفيفة ، أو مسند إلى ألف الاثنين ، والسقط : مثلث السين ، والقاف فيه ساكنة ، وهو منقطع الرمل ، واللوى : ما تراكم منه ، والمراد هنا مكان بعينه ، والدخول وحومل : موضعان ، وقد كان الأصمعى يعيب امرأ القيس فى قوله «بين الدخول فحومل» وذلك لأن من شروط «بين» أن تضاف إلى متعدد نحو جلست بين العلماء أو متعاطفين بالواو نحو جلست بين زيد وعمرو ، والعلماء يقولون فى الاعتذار عن ذلك : إن المراد بالدخول أماكن متعددة كل واحد منها يسمى بذلك ، وكأنه قال : بين أماكن الدخول ؛ فهو كالمثال الأول ؛ والاستشهاد بالبيت هنا على أنه ألحق حرف الأطلاق فى الوقف ، وذلك مما يختص بالشعر ولا يجوز فى الكلام لأنهم قد يتغنون بالشعر فهم فى حاجة إلى مد الصوت به