قوله «إنقحل» هو الشيخ القحل : أى اليابس ، وهو إنفعل ، ولولا الاشتقاق لكان كجردحل ؛ لأن النون فيه ليس من الغوالب ، والهمزة فى أول الرباعى أصل كإصطبل
قوله «وأفعوان أفعلان» (١) إنما ذلك لمجىء فعوة السم ، وأرض مفعاة ، ولولا
__________________
قلبا شاذا ، وقال الكوفيون : هو فوعل من «وأل» فقلبت الهمزة إلى موضع الفاء ، وقال بعضهم : فوعل من تركيب «وول» فقلبت الواو الأولى همزة. وتصريفه كتصريف أفعل التفضيل واستعماله بمن مبطلان لكونه فوعلا ، وأما قولهم : أولة ، وأولتان ؛ فمن كلام العوام وليس بصحيح ، وإنما لزم قلب واو «أولى» همزة على مذهب جمهور البصريين كما لزم فى نحو أواصل على ما يجىء فى التصريف ، وعند من قال هو من «وأل» أصل أولى وؤلى ، قلبت الواو همزة كما فى أجوه ، ثم قلبت الهمزة الثانية الساكنة واوا كما فى أومن ، ولهذا رجع إلى أصل الهمزة فى قراءة قالون (عاد لؤلى) لأنه حذفت الأولى وحركت لام التعريف بحركتها فزال اجتماع الهمزتين ، فأول كأسبق معنى وتصريفا واستعمالا ، تقول فى تصريفه : الأول ، الأولان ، الأولون ، الأوائل ، الأولى ، الأوليان ، الأوليات ، الأول. وتقول فى الاستعمال : زيد أول من غيره ، وهو أولهم ، وهو الأول ، ولما لم يكن لفظ أول مشتقا من شىء مستعمل على القول الصحيح لا مما استعمل منه فعل كأحسن ، ولا مما استعمل منه اسم كأحنك ـ خفى فيه معى الوصفية ؛ إذ هى إنما تظهر باعتبار المشتق منه واتصاف ذلك المشتق به ، كأعلم : أى ذو علم أكثر من علم غيره ، وأحنك : أى ذو حنك أشد من حنك غيره ، وإنما تظهر وصفية أول بسبب تأويله بالمشتق وهو أسبق ، فصار مثل مررت برجل أسد : أى جرىء ، فلا جرم لم تعتبر وصفيته إلا مع ذكر الموصوف قبله ظاهرا ، نحو يوما أول ، أو ذكر من التفضيلية بعده ظاهرة ؛ إذ هى دليل على أن أفعل ليس اسما صريحا كأفكل وأيدع ، فان خلا منهما معا ولم يكن مع اللام والاضافة دخل فيه التنوين مع الجر ؛ لخفاء وصفيته كما مر ، وذلك كقول على رضى الله عنه : أحمده أولا بادئا ، ويقال : ما تركت له أولا ولا آخرا» اه
(١) الذى ذكره المؤلف من مجىء «فعوة» بتقديم العين على الواو غير صحيح