كمكرمة ، وهو أبعد من الاشتقاق الأول ؛ لأن الثقل لازم المئونة فى الأغلب ، وقال الفراء : هو من الأين ، وهو الإعياء ، وهو أبعد من الاشتقاق الثانى ، وأصله مأينة ، نقلت الضمة إلى ما قبلها ، وقلبت الياء واوا ، على ما هو أصل الأخفش
قوله «فإن اعتد بجنقونا» حكى الفراء «جنقناهم» وزعم أن المنجنيق مولّدة : أى أعجمية ، وهم إذا اشتقوا من الأعجمى خلّطوا فيه ؛ لأنه ليس من كلامهم ، فقولهم «جنقونا» وقول الأعرابى «كانت بيننا حروب عون ، تفقأ فيها العيون ، مرة نجنق ، وأخرى نرشق» (١) من معنى منجنيق ، لا من لفظه ، كدمث ودمثر (٢) ، وثرّة وثرثار ، وإنما تجنبوا من كونه من تركيب جنق لأن زيادة حرفين فى أول اسم غير جار على الفعل كمنطلق قليل نادر عندهم ، وذلك كإنقحل ، وكون منجنيق منفعيلا لشبهة جنقونا مذهب المتقدمين
قوله «وإلا» أى : وإن لم يعتد نجنقونا كما ذكرنا ، فإن اعتد بمجانيق فهو فنعليل ؛ لأن سقوط النون فى الجمع دليل زيادته ، فإذا ثبت زيادة النون فالميم أصل ؛ لئلا يلزم زيادة حرفين فى أول اسم غير جار على الفعل
قوله «وإلا» أى : وإن لم يعتد بمجانيق ، فيه نظر ، وذلك لأنه جمع منجنيق عند عامة العرب ، فكيف لا يعتد به؟ وفى الجمع لا يحذف من حروف
__________________
(١) هذا من كلام أعرابى وقد سئل : كيف كانت حروبكم؟ فقاله ، والعون : جمع عوان ، وهى الحرب التى تقدمتها حرب أخرى ، ونجنق : نرمى بالمجانيق ، ونرشق : ترمى بالسهام ، والمجانيق : جمع منجنيق ـ بفتح الميم وكسرها ـ ومثله المنجنون ، وهى القذافة التى ترمى بها الحجارة ، وهو أعجمى معرب. وهى مؤنثة ؛ قال زفر بن الحرث :
لقد تركتنى منجنيق ابن بحدل |
|
أحيد عن العصفور حين يطير |
(٢) الدمث : السهل الخلق ، وبابه فرح ، ودماثه أيضا ، وأصل ذلك من الدمث بمعنى الأرض السهلة اللينة التى لا يشق السير عليها ، والدمثر ـ كسبطر ، وعليط وجعفر ـ بمعناه