والموت كأنه يستصحب موتا آخر ، والنصب كأنه يستلزم نصبا آخر : أى ليس هو شعرا واحدا ، ولا الموت موتا واحدا ، ولا الهم همّا واحدا ، بل كل منها مضاعف مكرر ، وقد يستعمل الفعل أيضا بهذا المعنى نحو قولهم : جدّ جدّه ، وتمّ تمامه ، وأما قولهم : شغل شاغل ؛ فليس من هذا ، بل هو اسم فاعل على الحقيقة : أى شغل يشغل المشتغل به عن كل شغل آخر لعظمه فلا يتفرغ صاحبه لشىء آخر
وكما استعملوا فعّالا. لما كان فى الأصل للمبالغة فى اسم الفاعل فى معنى ذى الشىء الملازم له استعملوا فعلا أيضا ، وهو بناء مبالغة اسم الفاعل ، نحو عمل للكثير العمل ، وطعن ولبس ولسن فى معنى النسبة ، فاستعملوه فى الجوامد نحو رجل نهر لصاحب العمل بالنهار ، ورجل حرح وسته بمعنى حرىّ واستىّ : أى الملازم لذلك الشغل ؛ فعلى هذا ليس معنى النسب مقصورا على فاعل وفعّال ، بل يجىء عليه اسم الفاعل من الثلاثى وغيره نحو مرضع ومنفطر ، ويجىء من أبنية مبالغة اسم الفاعل فعّال وفعل ؛ قال الخليل : وقالوا طاعم كاس على ذا : أى على النسبة : أى هو ذو كسوة وذو طعام ، وهو مما يذم به ، أى ليس له فضل غير أن يأكل ويلبس ، قال :
دع المكارم لا ترحل لبغيتها |
|
واقعد فإنّك أنت الطّاعم الكاسى (١) |
__________________
شعرى أعاننى على مدحك ، لأنه أراد مدحك كما أردته ، وهو مأخوذ من قول أبى تمام :
تغاير الشّعر فيه إذ أرقت له |
|
حتّى ظننت قوافيه ستقتتل |
(١) هذا البيت من قصيدة للحطيئة هجا فيها الزبرقان بن بدر ، وأولها :
علام كلّفتنى مجد ابن عمّكم |
|
والعيس تخرج من أعلام أوطاس |
وقال السكري فى شرح بيت الشاهد : يقول : حسبك أن تأكل وتشرب. وقد استشهد بالبيت على أنهم قالوا : إن الطاعم الكاسى من باب النسبة ، ثم رد