وحينئذ عبر ديالى وساق الكتائب نحو شهربان فوافاه خالد باشا متصرف بابان وعبد الفتاح باشا متصرف درنة وباجلان وحسن خان الفيلي فعقد معهم مجلس شورى ، وهؤلاء تحادثوا في الأمر ، وكانوا يعلمون الخطر ويتوقعون نتائجه. ولكنهم رأوا أن الوزير مصر وأن رغبته فيه قوية ، ولم يجسر أحد على معارضته فاقترحوا لزوم أخبار الدولة بما وقع فوافق ورافقوه إلى قزلرباط ، فاستراحوا بضعة أيام ، وتواصلت في هذا الحين بعض العشائر والبقايا العسكرية فتلاحق الكل فنهض الوزير واتخذ زهاو (زهاب) مضرب خيامه.
وهناك انتظر بضعة أيام للاستراحة ولكنه في الحقيقة يترقب جواب دولته ، وكان يعتقد أنها سوف تأذن له ، ولذا تحرك من المنزل المذكور وعلى هذا ولما كان الطريق وعرا أمر بتعديله وتنظيمه ، وأرسل إلى رئيس الكتيبة أن يلتحق به مع بيارق الخيالة فوصلوا إليه وتمت تسوية الطريق وتقدمت عقيل وبأثرها المدفعية فمضت من طريق (پاي طاق) وكان الوزير متأهبا للمضي في عقبهم وجاءه الجواب من الدولة عما عرضه عليها مع التاتار (البريد السريع) وخلاصته أن السلطان لا يرضى أن تنقض المعاهدات المعقودة مع إيران ، للآن لم يشرع بالحركة فعليه أن يعدل عنها وإلا فمن المحل الذي تصل فيه هذه الأوامر ، والدولة آنئذ ليس لها من القدرة ما تحارب الثورات الناشبة عليها فضلا عن الدول المجاورة.
ولذا أمر الوزير أن تعود العساكر والمدفعية في الحال امتثالا للأمر السلطاني (١).
__________________
(١) دوحة الوزراء ص ٢٣٥.