أما الكتخدا فإنه مقدام وهمام ، ذو شجاعة ولكنه لم يكن ممن زاول جسام الأمور ليقوم بعمل مثل هذا. وعلى كلّ إن الكتخدا حسب أن عبد الرحمن باشا وجيوش إيران كعشائر العرب التي حينما تسمع بجيش الحكومة تفر من وجهه فاعتقد أنها سوف تنهزم بهذه الصورة.
ولذا تقدم بجيشه ومضى من پاي طاق فقطع الجبال الصعبة والطرق الوعرة فطوى مقدار خمسة منازل أو ستة في يومين وورد شهرزور وتحرك مع جيش خالد باشا وهذا أراد إقناعه في البقاء للاستراحة بضعة أيام لينظر نوايا إيران ويتحقق أوضاعهم ، فلم يلتفت ، ولم يتدرع بالحزم الذي هو شرط الشجاعة ولا راعى الاحتياط ، أغار على ايران ، ولم يستقر في موطن للاستراحة حتى بلغ الحدود بل تخطاها واجتاز (زير باري) في مريوان من أعمال سنة ، فصادف جيش إيران.
وكان جيش الكتخدا رأى عناء شديدا في اجتياز هذه الجبال والوهاد ولم ير راحة أو استراحة فقطعها في ثلاثة أيام أو أربعة فلم يستطع الباقون اللحاق به ولم يجد مجالا ليرتب الجيش ويراعي تعبيته بالوجه المطلوب. وحينئذ قابل العدو فوقع القتال بين الفريقين فلم يقصر في الشجاعة والحرب ولكن رغم الجلادة التي أبداها كسر (١).
قال في غرائب الأثر : «كان فيه هوج وحمق ... فسار إلى أن وصل معسكر عبد الرحمن باشا ومن حمقه باشر القتال والخيل والفرسان في تعب من بعد الطريق وقاتل سليمان بك بنفسه فأسر وتفرقت عساكره وقتل منهم أكثر من ألف ، ومن سلم سلبت ثيابهم وسلاحهم وملكت خيامهم وأثقالهم ...» اه (٢).
__________________
(١) دوحة الوزراء ص ٢٣٥.
(٢) غرائب الأثر ص ٦٨.