الوزير وطلب الأمان منه. فالوزير نظرا لحلمه عفا عن زلته ونصبه أيضا باش آغا (رئيس كتيبة) وأرسل إليه خلعة فلبسها وتحرك نحو بغداد بعجل وهذا لم يكن حلما من الوزير وإنما أراد أن يقضي على سلطة محمد الكهية (عجم محمد) وقوته فربح قسما من قضيته باستمالة بعض الأعداء إليه.
وفي ١٧ ربيع الآخر دخل بغداد. وفي اليوم التالي رتب الديوان وقرىء فرمانه وقام بشؤون الإدارة فأبدى الرأفة أكثر من اللازم وتجاوز بعفوه عن المفسدين. ولا شك أنه أظهر ذلك حذر أن يرتكب الغلط الذي ارتكبه في لواء بابان فاضطر قسرا لقبول معذرة أحمد باشا. وكذا تسامح في أمر محمد الكهية وأغمض عنه العين. وبهذه الصورة بقي محمد الكهية في القلعة خمسة أيام دون أن يتخذ في حقه أي قرار. لذا دعا محمد الكهية إليه أحمد آغا طيفور وهو كهية البوابين وقال له :
ماذا يبتغي الوزير مني؟ أراه تركني داخل القلعة لا قربني ولا أبعدني وبقيت مهملا فلم يلتفت إلي. وكيف يتسنى له إدارة الوزارة دون أن يقربني؟! وقد قمت بأعمال جليلة ...!!.
أما أحمد آغا فإنه نقل إلى الوزير كلامه. وفي هذه المرة أيضا أغمض العين عنه ولم يبال به. وفي خلال هذه المدة كانت خيالة ابن خليل تأتي إليه كل يوم تنتظره خارج السور. ولما كان له أمل في الوزير لم يشأ أن يذهب إلا أنه لم تظهر نتائج من أقوال أحمد طيفور وبقي في يأس. وفي الليلة السادسة نزل من السور فأخذه الخيالة وجاؤوا به إلى جيشهم. وحينما وصل جعلوه رئيسا واعطوه لقب (باشا) واتفق ابن خليل معه فعصى على الوزير. وجمع هؤلاء أناسا كثيرين معهم وشرعوا في ارتكاب المنكرات وأضرموا نيران الفتنة فقطعت الطرق وزالت الراحة.