وقوله :
ولا إلّا بأن يصغى وأحكى |
|
فليتك لا يتيّمه هواكا |
فقوله «ولا إلّا بأن يصغى وأحكى» فيه محذوف تقديره : ولا أرضى إلّا بأن يصغى وأحكى.
وثانيهما : لا يظهر فيه قسم الفعل لأنّه لا يكون هناك منصوب يدل عليه ، وإنّما يظهر بالنظر إلى ملاءمة الكلام. كقوله تعالى : (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ)(١) ، فقوله «لقد جئتمونا» يحتاج إلى إضمار فعل أى : فقيل لهم لقد جئتمونا ، أو فقلنا لهم.
ومن هذا الضرب إيقاع الفعل على شيئين وهو لأحدهما ، كقوله تعالى : (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ)(٢) وهو لـ «أمركم» وحده ، وإنّما المراد أجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم.
ومن حذف الفعل باب يسمى «باب إقامة المصدر مقام الفعل» ويؤتى به لضرب من المبالغة والتوكيد كقوله تعالى : (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ)(٣) قوله «ضرب الرقاب» أصله : فاضربوا الرقاب ضربا فحذف الفعل وأقيم المصدر مقامه وفى ذلك اختصار وتوكيد.
وأما حذف جواب الفعل فانه لا يكون فى الأمر المحتوم كقوله تعالى : (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا)(٤) فجزم «يخوضوا ويلعبوا» لأنّهما جواب أمر «فذرهم» وحذف الجواب فى هذا لا يدخل فى باب الإيجاز.
١ ـ حذف المفعول به ، كقوله تعالى : (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى. وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا)(٥) ، فبعد كل فعل مفعول به محذوف.
__________________
(١) الكهف ٤٨.
(٢) يونس ٧١.
(٣) محمد ٤.
(٤) الزخرف ٨٣.
(٥) النجم ٤٣ ـ ٤٤.