الأول : أن يفرغ المتكلم من المعنى فاذا ظننت أنه يريد أن يجاوزه يلتفت إليه فيذكره بغير ما تقدم ذكره به ، كقول جرير :
أتنسى إذ تودعنا سليمى |
|
بعود بشامة سقى البشام (١) |
ولم يذكر قدامة هذا الضرب فى تعريفه ، وإنّما انصبّ تعريفه على الضرب.
الثانى الذى ذكره أبو هلال نقلا عنه لاتفاق العبارات وهو :
الثانى : أن يكون الشاعر آخذا فى معنى كأنّه يعترضه شك أو ظن أنّ رادّا يرد قوله ، أو سائلا يسأله عن سببه فيعود راجعا إلى ما قدمه فإما أن يؤكده أو يذكر سببه أو يزيل الشك عنه ، كقول المعطل الهذلى :
تبين صلاة الحرب منا ومنهم |
|
إذا ما التقينا والمسالم بادن (٢) |
فقوله : «والمسالم بادن» رجوع من المعنى الذى قدمه حتى بين أن علامة صلاة الحرب من غيرهم أن المسالم بادن والمحارب ضامر (٣).
ويسمى بعضهم الالتفات «الصّرف» وهو مصطلح صاحب «البرهان فى وجوه البيان» الذى قال فى تعريفه : «وأما الصرف فانه يصرفون القول من المخاطب إلى الغائب ومن الواحد إلى الجماعة» (٤).
وسماه أسامة بن منقذ «الانصراف» وقال فيه : «هو أن يرجع من الخبر إلى الخطاب ومن الخطاب إلى الخبر» (٥).
وقال ابن رشيق عنه : «هو الاعتراض عند قوم وسماه آخرون الاستدراك» (٦) ولكن الاعتراض والاستدراك غير الالتفات ، ولعل
__________________
(١) البشام : شجر لا ثمر له.
(٢) تبين : تستبين. صلاة الحرب : الذين يصلونها.
(٣) كتاب الصناعتين ص ٣٩٢.
(٤) البرهان فى وجوه البيان ص ١٥٢.
(٥) البديع فى نقد الشعر ص ٢٠٠.
(٦) العمدة ج ٢ ص ٤٥.