الخامس : أن تكون الكلمة جارية على العرف العربى الصحيح غير شاذّة. ويدخل فى هذا القسم ما ينكره أهل اللغة ويردّه علماء النحو من التصرف الفاسد فى الكلمة ، وقد يكون ذلك لأجل أنّ اللفظة بعينها غير عربية كما أنكروا على أبى الشيص قوله :
وجناح مقصوص تحيّف ريشه |
|
ريب الزمان تحيّف المقراض |
وقالوا : ليس «المقراض» من كلام العرب ، ولم يسمع عنهم إلا مثنى.
وقد تكون الكلمة عربية إلا أنّها قد عبّر بها عن غير ما وضعت له فى عرف اللغة ، كما قال البحترى :
يشق عليه الريح كلّ عشية |
|
جيوب الغمام بين بكر وأيّم |
فوضع «الأيم» مكان «الثيب» وليس الأمر كذلك ، وإنّما «الأيم» التى لا زوج لها بكرا كانت أو ثيبا. ومن ذلك قول البحترى :
شرطى الإنصاف إن قيل اشترط |
|
وصديقى من إذا صافى قسط |
وأراد بـ «قسط» عدل ، لأنّ الأمر عليه ، وليس الأمر كذلك وإنّما يقال «أقسط» إذا عدل ، و «قسط» إذا جار ، ومنه قوله تعالى : (وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً)(١)
وقد يكون على جهة الحذف من الكلمة كقول رؤبة بن العجاج :
قواطنا مكة من ورق الحما
يريد : الحمام
وقد يكون على وجه الزيادة فى الكلمة مثل أن تشبع الحركة فيها فتصير حرفا ، كما قال الشاعر :
وأنت على الغواية حين ترمى |
|
وعن عيب الرجال بمنتزاح |
أى : بمنتزح.
__________________
(١) الجن ١٥.