وهو ما يبيّن لنا أنّ منطقتهم كانت جبلية ، بالإضافة إلى ما توصلوا إليه من مدنية متقدمة ، حيث أصبحوا يبنون بيوتهم داخل الجبال ليأمنوا من السيول والعواصف والزلازل.
والعجيب من أمر الإنسان ، أنّه يحزم أمره لتجهيز وتحصين مستلزمات حياته الفانية ، ولا يعير أيّ اهتمام لحياته الباقية ، حتى يصل به المال لأن لا يكلف نفسه بسماع آيات الله والتفكر بها!!.
وأيّ عاقبة ينتظرون بعد عنادهم وكفرهم غير أن يطبق عليهم القانون الإلهي الموعدين به (البقاء للإصلاح) وعدم إعطاء حق إدامة الحياة لأقوام فاسدين ومفسدين .. فليس لهؤلاء سوى البلاء المهلك ، ولهذا يقول القرآن : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ).
وكانت «الصيحة» عبارة عن صوت صاعق مدمر نزل على دورهم وكان من القّوة والرهبة بحيث جعل أجسادهم تتناثر على الأرض.
والشاهد على ما قلناه ما تحدثنا به الآية الثّالثة عشر من سورة فصلت : (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ).
فالعذاب الإلهي لا تقف أمامه الجبال الشاهقة ، ولا البيوت المحصنة ، ولا الأبدان القوية أو الأموال الوافرة ، ولهذا يأتي في نهاية قصتهم (فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ).
وجاءت الآيات (١٤١ إلى ١٥٨) من سورة الشعراء بتفصيل أكثر ، وهو ما سيأتي في محله إن شاء الله تعالى.
* * *