«الجميل» بعد «الصفح» لكي تحدد المعنى الثّاني.
وفي رواية عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام في تفسير هذه الآية أنّه قال : العفو من غير عتاب (١).
وروي مثل ذلك عن الإمام زين العابدين عليهالسلام (٢).
الآية التالية ـ كما يقول جمع من المفسّرين ـ بمنزلة الدليل على وجوب العفو والصفح الجميل ، حيث يقول : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ).
فالله يعلم بأنّ الناس ليسوا سواسية من جهة الطبائع والمستويات الفكرية والعاطفية وهو سبحانه مطلع على ما تخفيه صدورهم ، وينبغي معاملتهم بروحية العفو والمسامحة ليهتدوا إلى طريق الحق بأسلوب الإصلاح المرحلي أو التدريجي.
ولا يرمز ذلك إلى الجبر في أعمال الناس وسلوكهم ، بقدر ما هو إشارة إلى أمر تربوي يأخذ بنظر الاعتبار اختلاف الناس في القابليات.
وممّا يجدر ذكره .. تصور البعض أنّ الأمر الإلهي مختص بفترة حياة النّبيصلىاللهعليهوآلهوسلم في مكّة قبل الهجرة ، وعند ما هاجر صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المدينة أصبح للمسلمين القدرة والقوّة فنسخ هذا الأمر وجاء الجهاد بدله.
ولكننا نجد ورود هذا الأمر في السور المدنية أيضا (كسورة البقرة وسورة النّور والتغابن والمائدة) ، فبعض منها يأمر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالعفو والصفح ، والبعض الآخر يأمر المؤمنين بذلك.
فيتّضح لنا أنّ أمر الصفح عام ودائم ، وهو لا يعارض أمر الجهاد أبدا ، فلكلّ محله الخاص به.
فإذا كان الموقف يستدعي العفو والتسامح ، فلم لا يؤخذ به! وإذا كان مدعاة
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٣ ، ص ٢٧.
(٢) المصدر السّابق.