وعلى هذا الأساس فالسؤال قسم من العقاب الروحي.
وعموم قوله تعالى : (عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) يرشدنا إلى أنّ السؤال سيكون عن جميع أفعال الإنسان بلا استثناء ، وهو درس بليغ كي لا نغفل عن أفعالنا.
أمّا ما اعتبره بعض المفسّرين من اختصاص السؤال عن التوحيد والإيمان بالأنبياء ، أو هو مرتبط بما يعبد المشركون .. فهو كلام بلا دليل ، ومفهوم الآية عام.
وقد يشكل البعض من كون الآية المتقدمة تؤكّد على أنّ الله تعالى سيسأل عباده ، في حين نقرأ في الآية التاسعة والثلاثين من سورة الرحمن (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ).
وقد أجبنا عن ذلك سابقا ، وخلاصته : في القيامة مراحل ، يسأل في بعضها ولا يسأل في البعض الآخر حيث تكون الأمور من الوضوح بحيث لا تستوجب السؤال ، أو أن لا يكون السؤال باللسان ، وهذا ما نستنتجه من الآية الخامسة والستين من سورة يس حيث تشير إلى غلق الأفواه وبدأ أعضاء البدن ـ حتى الجلد ـ بالسؤال. (١)
ثمّ يأمر الله تعالى نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) ، أي لا تخف من ضوضاء المشركين والمجرمين ، ولا تضعف أو تتردد أو تسكت ، بل أدعهم إلى رسالتك جهارا.
(وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) ، ولا تعتن بهم.
«فاصدع» ، من مادة (صدع) وهي لغة بمعنى «الشق» بشكل مطلق ، أو شق الأجسام المحكمة بما يكشف عمّا في داخلها ، ويقال أيضا لألم الرأس الشديد (صداع) وكأنّه من شدته يريد أن يشق الرأس!
وهي هنا ... بمعنى : الإظهار والإعلان والإفشاء.
__________________
(١) لمزيد من الإيضاح ، راجع ذيل تفسير الآية (٧) من سورة الأعراف.