ولهذا نقرأ في رواية نقلا عن ابن عبّاس أنّه قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا أحزنه أمر فزع إلى الصلاة.
ثمّ يعطي الله نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم آخر أمر في هذا الشأن : (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ).
المعروف والمشهور بين المفسّرين أنّ المقصود من «اليقين» هنا الموت ، وسمّي باليقين لحتميته ، فربما يشك الإنسان في كل شيء ، إلّا الموت فلا يشك فيه أحد قط.
أو لأنّ الحجب تزال عن عين الإنسان عند الموت فتتّضح الحقائق أمامه ويحصل له اليقين.
وفي الآيتين السادسة والأربعين والسابعة والأربعين من سورة المدّثر نقرأ عن لسان أهل جهنم : (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ) أي الموت.
ومن هنا يتّضح خطأ ما نقل عن بعض الصوفية من أنّ الآية أعلاه دليل على ترك العبادة. فقالوا : أعبد الله حتى تحصل على درجة اليقين ، فإذا حصلت عليها فلا حاجة للعبادة بعدها!
ونقول :
أوّلا : اليقين هنا بمعنى الموت بشهادة الآيات القرآنية المشار إليها ، وهو ما يحصل للمؤمن والكافر سواء.
ثانيا : المخاطب بهذه الاية هو النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومقام اليقين للنّبي من المسلمات ، وهل يجرأ أحد أن يدّعي أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يصل لدرجة اليقين ، حتى يخاطب بالآية المذكورة؟!!
ثانيا : المقطوع به أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يترك العبادة حتى آخر لحظات عمره الشريف ، وكذا الحال بالنسبة لأمير المؤمنين علي عليهالسلام وهو المستشهد في المحراب ، وهو ما سار عليه بقية الأئمّة عليهمالسلام.
* * *